بنت أصل

Views: 522

جوزف أبي ضاهر

صنّاع «الفضائح» هم صنّاع قبورها.

بأيديهم يصنعونها. ولا يكلّفون بها مَن يخافون ألا يكون في مستوى مهارتهم، ودقّتهم، واتقانهم لتدوير الزوايا…

قبل أن «يواروا الفضائح»، يبكون عليها دمعًا، وندبًا، وزجلاً يُحفظ من جيل إلى جيل. ثم، وعلى غفلة، يرسلون أحد المعزّين بها ليصرخ:

قامت، قامت من بين الأموات.

لا الفضائح ماتت، ولا يجب أن تموت.

تعوّدنا عليها… عوّدونا عليها، ونخاف إن غابت من سننتظر شبهًا لها، على رجاء البكاء من جديد.

القانون القاهر ما زال في رعاية مربيةٍ قاسية، لا تتركه يتصرّف كما يحلو له، ولا تسمح له باللعب على حبلٍ واحدٍ… وإلا فلماذا صنعت هذه الحبال؟

الفضائح لا تكبر، لا تشيخ، ترجع إلى نسغ الولادة، لاستنساخ خلفٍ، إن تعبت… أو شاخت؟

لا خوف بعد اليوم من الشيخوخة. الأمل ما عاد مفقودًا: مستحضرات التجميل والتمويه والتنكر… والتلميح موجودة، وبكثرةٍ، وألف معالج بارع ينتظر من دون مبضع… لإبدال سحنةٍ بسحنة، وصوتٍ بصوت… وأما الثوب فليقصّر أكثر وأكثر… إغراءً يُنسي العين ما أكل الفم، وابتلع الجيب، ولطش الأزلام.

ممنوع النظر إلى أبعد مما يُسمح به. فلا تُقصّر شهيّة مفتوحة على جميع الاحتمالات.

… وممنوع اطلاق رصاصة الرحمة على رأس أحد. ويخاف مطلقها أن ترجع إليه، فهي بنت أصل، وتعرف كيف تحافظ على صنّاعها.

 

Email: [email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *