رحلة صيد

Views: 744

جوزف أبي ضاهر

تجذبني الحكاية، أية حكاية، كما تجذب كلّ الصغار مثلي.

ننشدُّ إليها ونصغي، بكلّ ما عندنا من انتباه نصغي، ولا نفوّت علينا تفصيلاً صغيرًا من دون أن نسأل عنه، لمزيد من التشويق.

تقول إحدى الحكايات إن رجلاً كثير الثراء، أرضًا ومالاً، ومقتنيات كان يتقن التمتّع بالهوايات، جميع الهوايات، وأبرزها: هواية الصيد. وللصيد مجالاته، وأنواعه، وأوقاته، وأدواته، وجميعها عند هذا الغنيّ متوفرة، لكلّ الظروف.

والهوايات الأخرى في مقدّمها: صيد الطيور الصغيرة، والكاسرةِ من نسور وعقبان، وما يوازي خطرها في عالم الطير، وهو استخدام جميع ما يلزم لهذه الهواية التي لم تثنه عن هوايات أخرى مثل صيد الغزلان والنساء في شرعٍ، خاص به، يحلّل ويحرّم، وفي غفلةٍ عن كلّ القواعد والأعراف، المقبولة وغير المقبولة، المعترف بها، وغير المعترف بها.

مرّة، تقول الحكاية، وفي رحلة صيد لهذا الميسور سلطة ومالاً، إلى قرية جبليّة، قيل له إن فيها من الطيور ما يفوق الأعداد التي يعرفها، وأكثر الأنواع الموسميّة العابرة.

قصدها فجرًا (مع رفاق يعشقون الصيد مثله)، مجهزًا بما يوفر له صيدًا كثيرًا.

فور وصوله إلى المكان المحدّد ويُعرف بـ «المَقْوص»، وقبل أن يستريح من المسافة التي قطعها سمع صوت فقير يقترب منه، مادًا يده لطلب كسرةِ خبز يُسكت بها «عصافير بطنه» التي تزقزق.

ما إن سمع الغني بـ «العصافير» حتّى كاد يطير من الفرح والغبطة، فمد يدًا «لهيفة» إلى أقرب بندقية صيد كان يفضّلها على نماذج أخر، وصوّبها إلى «العصافير» التي تزقزق، فأرداها… وملشها وأشعل النار وسكب كأسًا عن راحة أنفس الفقراء العصافير.

… وكلّ رحلة صيد وأنتم ونحن بألف خير.

Email:[email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *