حمار ابن المقفّع

Views: 538

جوزف أبي ضاهر

أعود إلى مكتبتي في الأزمنة الصعبة، ألمح وجوهًا ترحّب بي ولا تعرفني، كان أولها منذ أيام: وجه ابن المقفّع، العربي من أصل فارسي. بيني وبينه أزمنة، والزمن سلحفاة. قال:

­ تمهّل وأنت تكتب لقلةٍ تقرأ، وقلّة تُدرك، وكثرة لا تعترف بوجود رأي غير رأي النافذ والمتنفذ، وكلّ مَن وقف تحت نافذة ينظر إلى حَمَلةِ السلالم بعين ثاقبة، لسرقة سلّمٍ (لا يهم حجمها) بغية الصعود عليها إلى سلطةٍ تثري لابس تاجها، ولو كان مثل والد ابن المقفّع: أبٌ زنديق اتّهم باختلاس مالٍ فضُربت يده حتّى السحق، قبل أن ينزل السيف إلى عنقه.

… وخبّرني المقفع الابن لا فُض فوه، عمّا نسي كتابته في كتابه الأشهر: «كليلة ودمنة» عن فيلٍ هرب من غابةٍ واسعةٍ كانت بيته وملعبه.

حين سئل: لماذا هربت وأنت في نعيم دنياك؟ قال: هربت لأن مولانا الأسد المعظم (ملك هذه الغابة)، أصدر أمرًا لا يُناقش، ويقضي بضرورة قتل جميع الزرافات الموجودة في هذه الغابة، حيث مسرح أحلامي وآمالي!

* عجبًا… ردّدوا بصوت واحدٍ وقالوا له:

­ لكنك لست زرافة لتُقتل!

أحنى الفيل رأسه وقال بصوت خفيض متقطّع:

أعرف أنني لست زرافة، لكن «مولانا» الأسد كلّف الحمار متابعة الموضوع.

***

Email: [email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *