الفتنة في صحن الدار

Views: 330

خليل الخوري 

إنها، فعلاً، أزمة مفتوحة على الاحتمالات كافة ليس فقط في المجالين الاقتصادي – المالي والسياسي… إنما على الصعيد الأمني أيضاً… وهي كلها  احتمالات سلبية جداً تحمل نذر أخطار مصيرية تطاول البشر والحجر.

أولاً – في الشأن السياسي لا شك في أنّ ما نشاهد حول تشكيل الحكومة بدءاً بالاستشارات التي تحدّد موعدها الثالث يوم غد الخميس، ثم بعملية التأليف، وما يرافق هذه وتلك من تردّد ووقائع ومناورات ولعب تحت الطاولة وفوقها الخ… يطرح بشكل حاد مصير اتفاق الطائف الذي بات في صلب الدستور. وإذا كان هذا الاتفاق قد تعرّض لنكسة عدم التنفيذ، أو «التنفيذ المزاجي» في زمن الوصاية السورية، فإن ما يجري اليوم هو زعزعة آخر أسسه ولكن على أيدي اللبنانيين أنفسهم، وفيما يعلم الجميع أن التوصل الى هذا الاتفاق كلّفنا نحو 200 الف قتيل، وخراباً ودماراً وانقسامات حادة، وتخلّفاً، عقوداً طويلة، عن مسيرة التطور التي كان لبنان أحد روّادها إن لم يكن الرائد الوحيد في هذه المنطقة… فالسؤال الذي يجب أن يهز الضمائر: كم سيكلفنا التوصل الى اتفاق جديد، علماً أن مثل هذا الاتفاق ليس وارداً في المستقبل المنظور. أضف الى ذلك الأحقاد والضغائن التي باتت عنواناً فاقعاً في المواقف والتصريحات والبيانات اذ يتبارى القوم في من هو الأكثر حقداً وضغينة وفجاجةً!

ثانياً – في الشأن الاقتصادي – المالي لا حاجة الى المزيد من الشرح. فالحال معروفة وملموسة في نواحي حياتنا اليومية كلها من انهيار مروّع في سعر عملتنا الوطنية، ومن تحوّل الودائع في المصارف الى شبه أموال مصادرة إذ يتعذر على أصحابها أن يسحبوا منها (ولا نقول أن يسحبوها كلها) إلاّ بالنذر اليسير جداً وهو لا يُسمن أو يلبي حاجة أو يسدّ جوعاً. والمؤسف في هذا الشأن أن لا بوادر حلحلة مالية – اقتصادية في الأفق. والعكس صحيح: فالجوع يطرق الأبواب بقوة والشركات تفلس في وتيرة متصاعدة، والتجار يغلقون مؤسساتهم بالمئات والبعض يجزم أنها بالآلاف، والأهالي والمدارس في مواجهة عدم القدرة على الاستمرار… وأمّا السياحة التي هي أحد أهم موارد الدخل الوطني فبلغت أدنى درك والهجرة تفرغ الوطن ممن تبقى فيه من كفاءات وشباب!

ثالثاً – على الصعيد الأمني هناك بوادر مخيفة لا يجهلها أو يتجاهلها إلا الغافل أو البليد. وما شهده ويشهده وسط العاصمة خصوصاً يشير بوضوح الى أن «الحيّة واقفة على ذنبها»… فالفتنة لم تعد فقط على الأبواب الخارجية إنما باتت في قلب الدار… ومن له أذنان سامعتان فليسمع!

فهل من «حج خلاص»؟

برغم التشاؤم الكبير نقول: أجل؟ شرط أن يتخلى أهل السياسة عما يصفه غبطة البطريرك الراعي فيهم بأنه «الكيدية» وأن يتقوا الله في وطنهم وشعبهم وأن يحتكموا الى الضمير قبل أن يقفوا أمام محكمة التاريخ!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *