حرّروا جبالنا من رغباتكم

Views: 389

جوزف أبي ضاهر

مصّوا نسغ الشجر، والتهموا سكون الصخر قبل انقضاضهم على التراب لتشريده، ونقله من سكناه إلى أرض سواه، فغيّروا في الأرض معالمها، وجمال تناسقها الكان بهجةً للعين، ومحط رحال الخيال إلى عوالم الحكايات، المشغولة على نول أحلام الفلاّحين، وكلّ من حمل معولاً لزرعٍ، لا لهدمٍ أو افتعال انتهاك في جسد الأرض.

لكلّ جسدٍ حرمة وخاصيّة، وعادات عيش، لا تخرج عن المألوف في سياق الحياة العابرة من جيل إلى أجيال، تنظر إليها نظرة مباركة، تغنيها قوتًا، وتحميها من غدرات الزمان، كما كان يحبّ أن يصفها المثل اللبناني ثلاثيّة: «للكيف والضيف وغدرات الزمان».

عذرًا، هذه المرة جاءها الغدر من جشع أهل نفوذٍ ومالٍ، فحوّلوا إليها كساراتهم، لتنهب وتلتهب الصخر والحجر والتراب… والناس التي تعترض ممرّ جرافة لا تطبق حديدها على بعضه بعضًا إلا على جرفٍ في جسد الأرض وأجسادنا.

هرّبوا العصافير، شردوهم، وأبعدوا العابر من رفوف أحلام الربيع. شققوا أساسات البيوت بـ «الديناميت» الذي استخدموه لقتل حياة الأرض في الحفر والجرف، وأكل الأخضر واليابس والأصمّ والأبكم. الفاعلون ساسة مصالح وسمسرات، يخطبون فينا، كلَّ يومٍ، بأنهم يفعلون ذلك من أجلنا، ونحن ندرك، أن فعلهم يسرّع في أجَلنا.

بربكم، خافوا، ابتعدوا عنّا وعن ترابنا، واتركوا جبالنا حرّةً، بعيدة عن رغباتكم وجشع جيوبكم.

عذرًا: … وبعيدة عن «رأس مالكم» وسرقاتكم المهرّبة إلى مصارف العالم.

Email: [email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *