في توقيع كتاب يسرى البيطار “منازل العشق”

Views: 1210

سهيل مطر

أيّها الأصدقاء

في ظلال القلبين الأقدسين، نتناول قربانةً وبعضَ النبيذ، ونستقبل قلباً ثالثاً، نحيّيه، نعيّده بعيد الحبّ، نفرح به، نتدفّأ، نتنصّت، ونحيا في منازل العشق.

هل لي، يوماً، يا يسرى، أن أسكن واحداً من هذه المنازل، لا إيجاراً، ولا شراءً، ولا قروضاً، ولا خيل عندك تهديها ولا مالُ.

أجل، في هذا الزمن الشاحب، حيث الظلمة تغتال الأحلام، حيث الدخان يفجّر الدموع، حيث السياسة الحمقاء ترسم على الوجوه ملامح كآبةٍ وقلق وتوتر، في هذه الساعات التي يقتحم الشرايينَ دفقٌ من الوجع والإنطواء والغضب.

في هذا الزمن الصعب، الصقيعيّ الهوى، لا حلّ لنا إلاّ بالحبّ.  واعذروني، ومن كان منكم بلا خطيئة، فليرجمني بحجر.

بكلّ صدق وصراحة، تعالوا ندخل الى زمن يسرى، في طقوسها، في عمق عينيها، في ارتعاشات صوتها وقلبها والأصابع.

آه، كم نحن بحاجة، الى بعض يُسرى، يبسنا، تعبنا، كدنا نختنق، تعالوا نتنفّس، لا حلّ إلاّ بالحبّ…

 

أيّ حبّ؟

بالله عليكم.  لا تصنّفوه، لا ترقّموه، لا تعلّبوه، لا تمنحوه أسماءً كاذبة أو وجوهاً مستعارة.  الحبّ يعني الحبّ، كلّ ما عداه كذب ونفاق، عبارة واحدة على شفتيّ يُسرى: أنا أحبّ إذاً أنا موجودة.

كفانا أوامر وفتاوى:  هذا الحبّ مسموح، ذاك الحبّ ممنوع.  صدّقوني:

أجمل النساء هي المرأة الصعبة، وأجمل حبّ هو الحبّ الممنوع.

مع يسرى، أجمل ما في الدنيا هو الحبّ، وأجمل الشعر هو شعر الحبّ، حيث للكلمة سحرُ عينيّ امرأة، لا هي تنام ولا تدع أحداً ينام.

في عالم الأرقام والإجرام، سخر الناس من الحبّ:  تعطّلت لغة العيون وغمزات الأهداب، غفا الضياع على إيماءة الشفّة السفلى، يبست شقاوة الأصابع وحرارة اليدين، أطلّت يُسرى:

المرأة التي لا تضيء مِنْ حولِها ومَنْ حولَها، هي إشاعة كاذبة، ويُسرى تضيء؛

الشاعرة التي لا تُحِبّ ولا تُحَبّ، هي مسودّة شاعرة، ويُسرى تحبّ.

الصبيّة التي لا تتمرّى بالشعر، ولا تتكحّل بالقصيدة، هي لوحة باهتة لا تخترق الذاكرة ولا التاريخ، ويسرى تتمرّى وتتكحّل كأنّها مضرّجة بندى الحنان والحنين.

يُسرى هي امرأة، بألف لام مكبّرة، تحترف صناعة الكلمة وجماليّة الحبّ.  إجمع بينهما، الكلمة والحبّ، ترتفع الى السماء.

 

وهي انسانة تتوجّع وتبكي:

أبكـــي ولــــم يبكِ لي أهلٌ ولا أحــــــدُ وحيدةٌ مثل يـــــوم مــــــرَّ فــــــي الزمــــن.

لماذا يا حلوة، يا يسرى؟  لا قصيدة، في كتابك، دون دموع…  أصدقك القول: ليس هنالك من رجل يستحقّ دمعة صادقة من امرأة عاشقة.

كنا نمزح مع بعض الصديقات ونقول:

إنّ النســـــاءَ وجوههــــن جميلـــــة وتصيـــر أجمــــل عندمــــا يبكينــــا.

ولكن أنتِ، لا تليق بعينيك إلاّ إشراقة الحبّ وبهاء الفرح.

وأرجوكِ، لملمي دموع العتاب والجراح، ولا تعاقري الأحزان، امحي من قاموس شعرك لفظة الخيانة، ردّيها الى مَن يستحقّ وردّدي:

فليتني شجرٌ فـــــي ظـــــــــــلّ قريتكـــــم وليتني إن ســـلوتُ الحبّ لــــم أَكُنِ

وكيف أسلو، وإنّي حين تحضنني لا أعرف الفرق بين الثغر والكفن.

أموتُ فيك:  الثغر والكفن.  الحياة حلوة، الحياة لاثنين لا مكان للمفرد فيها.  إن شئتَ كان به، وإلاّ فالاستقالة أشرف.

أنا مــــع الحبّ حتّــــى يقتلني إذا تخلّيتُ عن عشقي فلستُ أنا (نزار).

هذه يُسرى، ترتعش ولكنّها لا ترتجف ولا ترتعد.  هي حبّ بحبّ، جسداً وروحاً. من يمكنه الفصل بين الوردة والعطر، وبين الغمام والمطر، وبين القبلة والشفتين.  هل يملك النهر تغييراً لمجراه؟

ويا يسرى

كلمة السرّ بيننا هي:  اللذة موجة الفرح بحر. اغرقي في هذا البحر، ولا ندم، واسألي مجرّب ولاتسألي حكيم”.

هذا هو أنتِ، الدكتورة يُسرى البيطار، تمرّدي، ثوري، يوم يغدو الشارع امرأة، ينتهي سفك الدماء.

أمّا الشعر، فاسمحي لي أن أقول:

البعض، في عصرنا، وفي حداثتنا، شوّه الشعر، سخّفه، دنّسه، مرّغه بالتفاهة والرداءة والعبث الفارغ.  البعض أنزل الشعر الى مرتبة الهلوسة والضياع، أمّا شعرك أنتِ، فهو أنتِ، كفيفانيّة بترونيّة، على أصالة ونبلٍ وإبداع واحترام.

أمّا بعد، سؤال أخير:  لماذا يصل العاشق، دائماً، متأخّراً؟

هنيئاً للعاشق الذي وصل، في الوقت المناسب.  أقول له: يا رجل، أكتب اسم يُسرى على جبينك، وطِرْ بها، وصلِّ أمام القلبين الأقدسين:  يا ربّ، هي القلبُ الثالث. وهنيئاً لأنقياء القلوب، فإنّ لهم ملكوت السماوات.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *