جائحة كورونا وأمراض القلب والشرايين

Views: 34

د. طلال حمود

(طبيب قلب وشرايين- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود)

في هذه المقالة سوف نتكلّم عن المخاطر القلبية لبعض الأدوية المستعملة في علاج الالتهابات الناتجة عن هذا الفيروس، خاصة بعد استعار النقاش حول إستعمال دواء الهيدروكسي- كلوروكين (Hydroxychloroquine) في محاولة لعلاج هذه الالتهابات لأن هذا الدواء قد يكون خطيراً عند بعض المرضى وفي بعض الحالات كما سنُفصّل لاحقاً في هذه المقالة.

كما نعلم حتى اليوم فإن الدراسات العلمية المنهجية والقائمة على أُسس قوية لم تصدر نتائجها بعد وأنّ هناك عدة أدوية تُستعمَل في محاولة الحدّ من المخاطر والاعراض الخطرة الناتجة عن الإصابه بفيروس كورونا. لكن لا أحد يدّعي حتى الساعة انّه وجد الدواء الفعّال الذي من المُمكن تعميم إستعماله في كل دول العالم كدواء اساسي اوّل لهذا الفيروس وللمضاعفات الناتجة عنه.

ثمة تجارب في معظم دول العالم ومن أهمها تجربة اوروبية واسعة تحت اسم Discovery سوف تشمل 3200 مريض من 8 دول اوروبية، منهم 800 مريض من فرنسا.

بدأت هذه الدراسة منذ حواليى أسبوعين. وهي تحاول أن تجد البروتوكول العلاجي او التركيبة الدوائية الاكثر فعالية لعلاج الاعراض الناتجة عن هذا الفيروس من بين حوالي 15 مادة وعلاجاً، تمّ او يتمّ استعمالها من قِبل الفرق الطبية التي تُواجه هكذا حالات من مختلف انحاء العالم، في الصين واوروبا و اميركا الشمالية و غيرها من الدول.

 

في المقابل صدرت تحذيرات من السلطات الصحية العالمية وخاصة الفرنسية منها حول مخاطر استعمال بعض الادويه دون وجود وصفة طبية (Auto-medication) من قِبل بعض المرضى او بعض الاطباء الذين استعملوا دواء الهيدروكسي-كلوروكين (Hydroxychloroquine) دون توفّر شروط طبيّة مُعيّنة وضعتها السلطات الصحية الفرنسية، بعدما سُجّلت في فرنسا وحدها حوالي 30 حالة خطرة استدعت الدخول الى المستشفى، ومنها 3 حالات وفيات بسبب الآثار الجانبية الخطيرة لهذا الدواء، وقد اصدرت السلطات الفرنسية المُختصّة مرسوماً بتاريخ 26 آذار ٢٠٢٠ يُحدّد الشروط التي يجب مراعاتها لاستعمال هذا الدواء من قبل الاطقم الطبية، وذلك بسبب الضجّة التي احدثتها دراسات البروفسور الفرنسي ديديه راؤول ودفعت اشخاصاً في فرنسا ومختلف دول العالم إلى التهافت لشراء هذا الدواء
واستعماله أحياناً دون أي مُبرّر أو دليل علمي قاطع على فعاليته ممّا أدّى إلى تعريض الاشخاص الذين تناولوه لمخاطر قلبية ناتجة عن آثاره الجانبية.

وفي ما يلي بشكلٍ تفصيلي مُقتضب طبعاً اهمّ الأدوية التي يُقال انّها فعالة واهمّ الآثار الجانبيه لهذه الأدويه المُستعمله حاليا في علاج الالتهابات الناتجه عن فيروس كورونا :

1-مضادات الفيروسات (Anti viral therapy): تُشكّل هذه الأدوية حجر الزاوية الأساسي في علاج هذا المرض والاعراض الناتجه عنه . ومن اهم هذه المُضادّات الفيروسية المُستعملة دواء اسمه (Ribavarin) و دواء آخر اسمه(Remdesivir) وهو دواء استعمل لعلاج مرض ايبولا الذي ظهر في افريقيا منذ سنوات. وهما مادّتان تلتصقان بال Enzyme المسؤول عن اعاده نسخ الوحدات الجينية للفيروس اي RNA والذي يُسمّى RNA-dependent RNA polemerase ويمنعان بالتالي تكاثر الفيروس. ولا تُشير المُعطيات المتوفرة حتى اليوم عن مخاطر خاصة مُباشرة لهذين الدوائين على القلب و الشرايين.

 

في المقابل تُشير دراسات أُخرى انّ المُضاد الفيروسي الأكثر استعمالاً حالياً في علاج هذا الفيروس والمعروف تحت اسم (Kaletra). وهو دواء تمّ تسويقه سنة 2006 و يُستعمل في علاج الالتهابات التي يُسبّبها فيروس الايدز وفيروس الالتهاب الكبدي من نوع C. و هذا الدواء يحتوي على مادتين هما (Lopinavir) بجرعة 200 ملغ وهو مُضادّ لإحدى البروتينات المعنيّة بتكاثر الفيروس، ومادة اخرى اسمها (Ritonavir) بجرعه 50 ملغ تؤثر على (Enzyme) موجود في الكبد تسمى (CYP3A). ممّا يرفع من مستوى المادة الفعالة اي (Lopinavir) في الدمّ و يزيد من فعاليته . وهذا الدواء له تأثيرات جانبية قلبية ، بحيث يزيد من مخاطر حصول اضطرابات قلبية خطيرة عبر منعه لمرور الكهرباء بشكلٍ طبيعي في الشبكة الكهربائية القلبية، ويؤدي بالتالي لزياده مسافة مؤشر (PR segment) على تخطيط القلب، كذلك زيادة اخطر في مؤشر (QT segment) المعروف، لا سيما عند المرضى الذين لديهم تمدّد في هذا المؤشر بشكل طبيعي او لأسباب وراثية او بسبب وجود نقص في البوتاسيوم في الدم والخلايا عندهم، او لأسباب بيولوجية اخرى، مّا يُعرّض المريض لحصول نوع خطير من إضطرابات القلب في البطين الايسر تعرف باسم (Torsade des pointes). وهي قد تكون خطيرة ومُميتة. (https://tokyosmyrna.com/)

كذلك تبيّن ان (Ribavarin) و(Kaletra) لهما تأثير على الادويه القلبية الأخرى المُستعملة عند مرضى القلب مثل الادوية المُضادة للتخثّر و مضادّات التجلّط، ما قد يُعرّض المريض لمخاطر النزيف في حال ارتفاع نِسب هذه الادوية في الدم بشكلٍ كبير، ما يجب ان يدفع الأطباء على البقاء على حذر كبير عند إستعمال هذه الادويه عند هؤلاء المرضى او الى تعديل جرعات هذه الادوية او إيقافها كلياً في بعض الحالات مع ما يترتّب عن ذلك من مخاطر، لأن بعض المرضى قد يُصابون بأحداث قلبية خطيرة نتيجة لذلك.

 

 امّا الادوية التي تُخفّض نسبة الكولسترول في الدم فإنّ كميّاتها تزداد بشكلٍ كبير في الدم، ممّا يُعرّض هؤلاء المرضى لمخاطر كبيره منها إمكانيه حصول اعراض عضلية خطيره مثل انحلال الربيدات (Rabdomyolysis) مع تحلّل في الخلايا العضلية وآلام عضليه قوية وإرتفاع قوي في الخمائر العضلية في الدم وقصور كلوي حاد او حصول مشاكل كبدية خطيرة (Cytolsis). لأن لهذه الأدويه آثار جانبية كبيرة على الكبد. ولذلك يُنصح بإستعمال جُرعات مُخفّفة جداً من هذه الادويه المُخفّضه للدهنيات في حال إستعمال مضادات الفيروسات التي ذكرناها.

امّا الدواء الذي إسُتعمل في علاج مرض ايبولا وهو (Remdesevir)، فهو يُستعمل حالياً لعلاج فيروس كورونا دون وجود اية مُعطيات دقيقة حول مخاطره القلبية. وكان الاطباء في مرحلة إنتشار ايبولا في السابق قد شهدوا بعض الحالات القلبية الخطيرة من ضمنها حالة واحدة حدث فيها هبوط خطير في الضغط الشرياني وتوقّف في القلب في بداية إعطاء هذا الدواء عند احد المرضى الذين اصيبوا بالفيروس في تلك الفترة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *