الحرامي

Views: 23

باسم عون

لم يَكُن ميشو – التِّلْميذ النَّشيط – لِيعْلمَ بِأنَّ ما سَيلقاهُ في ذلك الصّباح المدرسيّ المشؤوم سيغيّر مجرى حياته. بل سيسرق منهُ اسمَهُ أَيضًا… فإنَّ ما حدثَ، ولَئِن بدا للوهْلَةِ الأولى كَرَميَة حجرٍ جاءت تُعَكّرُ وجْه بحيرةٍ لا تلبث أن تستعيد صفاءها، فَإنَّ هذا سوفَ لنْ ينسَحِبَ على ما يصْطَخِبُ في أعماق الصَّغير من الأنواء والأعاصير.

للمدارس في إداراتها شؤون… فمنها ما ينضوي تحت سقف المناهج التعليميَّة التقليدية، ومنها ما يرتأي القفز في معارج “التقدُّم” والابتكار إتاحةً لطلّابها في فرص الاستزادة من معين العلم والأدب من جهة، وإطلاقًا للمواهب التعليميَّة الفذَّة من عقالها، من جهة أخرى. ناهيك عَمّا يَستظِلّ أَفْياء هذه المبادرات من المواهب التجاريَّة المُقَنَّعة. وغنيّ عن القول طبعًا أن مدرسة ميشو كانت من النوع الثاني…

السنة الدراسية في بدايتها. وكان للصَّف السادِس – صف ميشو – شرف الحصول على معلِّمة جديدة لمادّة اللغة الفرنسية… وقد شاءت هذه الأخيرة تقديم أوراق اعتمادها إلى الأمِّ الرَّئيسة عبر اقتراح إِدراجها لكتيِّبٍ من تأليفها، وذلك كقيمة مضافة على ما يفرضه المنهاج الدراسي من المواد الفرنسية. أمّا الكتاب “البدعة” فكان يرمي – كما زعمت صاحبته – إلى مساعدة التلاميذ في تطوير أسلوب الإنشاء لديهم، وذلك بالاعتماد على أمثلةٍ من عمل محترفين في عالم الأدب. بالإضافة إلى تمارين لغويّة عدة.

هذا في المضمون، أمّا في الشكل فقد جاء الكتاب المذكور على هيئَة أوراقٍ من الحجم الوسط، لا يتعدّى عددها السبعين ورقة، وقد نُسِخت على ماكِنة تصويرٍ رديئة مستهلكة، فتركت بصماتها اللعينة أَينما اتُّفق، سوادًا على بياض. ومن ثم ضُمَّ بعضها إلى بعضٍ بواسطة لاصقٍ هجينٍ أبى إلّا الظّهور بين الورقة وأختها دالقًا أمعاءَهُ اللّزِجة اللمّاعة… ولو قُدِّرَ لكَ أَن تتصفَّح هذه “المُصيبة التعليميَّة” لَوَجدتَ الصفحاتِ عامرةً بقوافِلَ من السُّطور الفارغة المعدَّة سلفًا لما قد ينزل من الوَحْي والإبداع على أذهان الرؤوس الصغيرة…

واحتفاءً بهذا الحدث الثقافي الجَلَل، سارَعَت الإدارة إلى وضع شعار المدرسة على خلفيَّة كلّ ورقة من أوراق الكتاب كنوعٍ من استدراكٍ لأيِّ انتهاكٍ لحقوق الملكيَّة الفكريَّة. لكنَّ المشكلة بالنسبة للصَّغير – بطل القصّة – لم تكن في كلّ ما ذكرنا من شأن الكتاب، إنَّما كانت – وكلمةُ حَقٍّ تُقال – في سعر هذه “التُّحفة” التي بلغت سبعةً وعشرين ألفًا من الليرات اللبنانية، فقط لا غير.

لم تكُنْ عمليَّة التَّسجيل للعام الدراسي باليَسيرة على عائلة الصغير… ففي ظل أوضاعٍ اقتصادية سيِّئة، باتت الأقساط في المدارس الخاصّة كابوسًا حقيقيًا يَحسِبُ له الأهل ألفَ حسابٍ وحساب. وَعليه، وبعد مفاوضات ماليَّة مُضْنية مع الإدارة، أين منها مفاوضات الدول المتعثِّرة مع صندوق النقد الدولي، توصَّلت ليلى أُمّ ميشو إلى وضع ابنها على سكَّة العام الدراسي الحالي. أمّا بشأن الكتب المدرسيَّة فقد تمكَّنت الأمّ – بما تيسَّرَ لها – من شراء الكتب المطلوبة، وإن كان معظم ما اشترَتْهُ مُستَعْمَلًا، مُمزَّقًا، لَكأنَّهُ عاصرَ الحرب العالميَّة الأولى… وأخيرًا تنفَّست ليلى الصُّعَداء ودخل الصَّبي إلى صَفِّه…

كان هذا منذ أُسبوعين تقريبًا. أمّا اليوم في هذا الصّباح التِّشرينِيّ الحائِر، فكان على ميشو أن يجلبَ معه المبلغ المطلوب للحصول على الكتاب المذكور، بعدما تخلّف عن ذلك لأيّام مُتتاليَة. ولكنَّ الصَّغير كان في غِنىً عن كلّ ما يُقلقه في هذا الشأْن، فالكتاب اللَّعين كان قد أصبح في حقيبته المدرسية منذ الصباح الباكِر…

الصَّباح خريفيٌّ بامتياز، فالشَّمس اليوم مريضةٌ، وقد تدثَّرت بعباءة سميكةٍ من الغيوم القاتمة، وراحت بين الفَيْنةِ والأخرى تطلُّ بوجهها الشاحِب بين سُجوف الغيوم، فلا تزيد الجوّ إلا كآبة. وعلى حافة النَّافِذة، عصفورٌ آثر الاختباء هَهُنا هَرَبًا مِن غَضْبَةِ الرِّيح، وقد بَلَّلت جناحيه طلائعُ الدِّيمَةِ الأولى.

واستمرَّت المُعلِّمة الجديدة في شرحِ الدَّرس وكأنّ شيئًا لم يكن. ولَكِنَّ العيون باتت مُسَمَّرة في النافذة لَكأنَّ العصفور ذاك، ملاك الرَّحمةِ هبط من السماء لِيُطيح بدرس قواعد اللغة الفرنسيّة الجافّة، تلك القواعد التي طالما دفعت بالتَّلاميذ فِي ما سَبَق إلى هَجرِ مقاعد الدِّراسة هُجْرةً لا عودة منها. وأُسقِطَ في يَدِ المُعلِّمة وسادَ الهرجُ والمرج.

في هذا الخضمّ من الفوضى والتَّشتُّتِ الذِّهْنيّ، طُرِقَ البابُ طرقات عنيفة. وقبل إعطاء الإذن بالدُّخول، كانت رضا المسؤولة عن القسم، منتصبة بقامتها الفارعة كـ”ورقة نعوة” أمام التَّلاميذ. هيكلٌ بَشريٌّ باسِقٌ، زاد من طوله ما اتَّسمَ بهِ من نُحول، فنتأت العظام في أكثر من مكان، لتختمَ المشهد السُّورياليّ في بروزٍ لِلوجنَتين والجَبهة على السَّواء، مِمّا يُعيدُ إلى الأذْهان هيئَةَ إنسان الكهف الأوَّل قبل اكتشافه للنّار. أمّا شَعْرُ الرأس – والشَّعْرُ تاج المرأة – فَهو إن دَلَّ على شيءٍ فَإنَّما يَدُلُّ على أنَّ أَزْمة انقطاع المياه في البلاد ما زالت مستمرة.

وساد الصمتُ والوُجوم على الوجوهِ الفَتيَّة، فلِلآنسة رضا نظراتٌ ثاقبات توزِّعُها هُنا وهناك من خِلال نَظَّارتينِ واسعَتين لا شكَ أنَّهُما من مُخَلَّفاتِ عصر “الميني جيب” السَّعيد، فلا ينقصُهما غيرُ المسَّاحات لتكتمِل الصُّورة. وَنَطَقَ نذيرُ الشُّؤْمِ:

– “ميشال بعينو”!

لم يُجِب أحَدٌ. فارتفع صوت البومَةِ من جديد:

– أيْنَ ميشال بعينو؟ أَلَم يَأْتِ اليَوم؟

وتحرّكت في الرُّكْن كتلةٌ بشرِيَّة صغيرة.

– “صَحّ النوم” يا عزيزي…

واستوى الصَّغيرُ على قدمين كادتا أن تخذلاهُ، فاستعانَ بِمِرفقَيْهِ مُتشبِّثًا بالطّاوِلة، فأطلقت هذه الأخيرة زعيقًا مُزْعِجًا على بلاط الغرفة.

– … نعم يا آنسة.

قالها بِرَعْدةٍ واستغراب! فكيف لهذه الآنسة أن تبقى آنسة رُغْمَ ما تكدَّس في ذلك الوجه التّاريخيّ من عاديّات الزمن؟!

– “يِنْعَم عْليك يا شاطر”.

وَأمْسَكَتْ بِورقةٍ انتشَلتْها بِلؤمٍ من ملفٍ كان بِحوزَتهِا. وأردَفَت قائلة:

– هل أحضرتَ معك ثمن الكتاب، أَم تُراكَ لا تَنْوي شِراءَه؟… يبدو أَنَّهُ لَم يتخلَّف عن الدفع سِواك يا “أُستاذ ميشال”!

لَمْلَمَ الصَّغير بعضَهُ وغَمْغَمَ بضعَ كلمات…

– لم أسمع. ماذا قلت؟

– لقد أحضرتُ معي الكتاب يا آنسة…

– أيُّ كتاب؟ فأَنت لم تدفع حتّى!

– لقد ابتاعته أمّي من المدرسة…

– غريب!… أين هو كتابك؟ أعطِنيه.

وتقدَّم الصّغير بِبُطءٍ مُحاذِرًا الوقوع في مَغبَّةِ فِعْلَتِه، وبسطَ الكتاب أمام المسؤولة، فانتشلتْهُ من يدهِ بِعصبيَّة فائقةٍ، وراحت الشَّمْطاء تُقلِّبُ الصَّفحات على عجلٍ حتى كادت تُمزِّقها. ومن ثَمَّ زعقت بأعلى صوتها:

– وأين خَتْمُ المدرسة على الصفحات يا “خواجه”؟

فَصُعِقَ الصَّبيّ وشَحُبَ وجْهُهُ. وارتاعَ العصفورعلى النافذة فقَفِلَ عائِدًا من حيث أتى. وبعد أن التقط ميشو أنفاسه، أشار بِسبّابةٍ مرتجفة الى الختْم المذكور.

– وتَتَغابى أيضًا؟ ختمُ المدرسة أزرق، فما الذي جعله في كتابك باللّون الرماديّ؟… هكذا إذًا… لقد نسختَ الكتاب… هذه سرقةٌ موصوفة لَنْ أقبَلَ بِها… لقد سرقْتَ حقوق المعلِّمة والمدرسة معًا. هذا عمل لصٍ محترف…

– ولَكن… أنا لَم… أقصِد… لا أعرف شيئًا…

– ومن يعرف إذًا؟ العصفور!

– لا أعرف… أقصد اسألي أمّي… وَ…

– حسنًا. ومن أعطاك الكتاب لتقومَ بتصويره؟ قُلْ…

– قلت لا أعرف شيئًا.

– اتبعني… هيّا. واجلب كتابك معك.

وانصَرَفَتْ. فسُمِعَ للباب دويٌّ قويّ أجفلَ التَّلاميذ، فغَدَوا فاغِري الأفواهِ مُشْرَئِبّي الأعناقِ بانتظار الانفجار الكبير. وتأبّط الصغير “مصيبته” وخرج في إثر جلّاده… لم يكد الصمت يَعُمّ في الغرفة حتى فُتِحَ الباب من جديد وتمَّ استدعاءُ أحدِ التّلاميذ على مرأى ومَسْمَعٍ من الجميع، فَسَرَت الوَشْوَشات سَرَيان النّارِ في الهشيم. وساد الرُّعْبُ بعدما اتَّخَذَ الموضوع طابِعًا بوليسيًّا، مِمّا يُذكِّرُ بالتَّوقيفات في البلدان المُتَخلِّفة غداةَ انقلابٍ تَمَّ إجهاضُهُ.

مرَّت الدقائق طويلة جدًّا لكأنَّها الدَّهرُ، قبل أن يعودَ “المُجرِمان” الصغيران. ولا تسَلْ عن ذلك المشهد المؤثِّر. فقد أطلَّ ميشو تَعلو وَجْهَهُ علامات المَذلَّة والانكسار، وعلى جفنيه بقايا دموعٍ لمّا تجفَّ بعد. (Diazepam) فيما عَيْنا شريكِه في الجُرْم تومِضانِ ببريقٍ مخيفٍ من النَّقْمةِ والكَراهيَة. وهناك في رُكْنِهِ، غابَ ميشو في عوالِمَ سَوداء من الألَمِ والمَرارة…

أَتُراهُ المُلام في ما وصل إليه؟ وهو الذي طالما رافق أمَّهُ في معاناتِها على إثر ترمُّلِها لسنواتٍ خَلَتْ. وهو الذي شاهد دموعها الخْرساء وزفراتِها الحارّة كلَّما ضاقت بِها الحِيَلُ في سبيل تأمين لقمةِ عيشٍ كريمةٍ لعائلتها الصغيرة. ويَراها تعملُ تارةً بالخياطة وطورًا في مطبخ أحد الأديرة… ولكن ذلك لَم يَعْدُ كونَهُ دونَ سقْفِ الكِفاف اليَّومِيّ. وعليه، فلم يكن بمقدوره -وهو العَليم بالظُّروف- أن يُرْهِقَ الوالدة بِمزيدٍ من المُتَطلَّبات الماليَّة -ومطالب المدارس الخاصة لا تنتهي- وهذا المبلغ كبير إذا ما قيس بأجر الوالدة المتواضع. فكانت الحاجة -كما قيل- أمّ الاختراع، وتمَّ تصويرُ الكتاب بمبلغِ خمسة آلاف ليرة. وها هوالاختراع اليوم قد مُنِيِ بعواقبِه الوَخيمَة. ومِمّا زادَ في الطّين بلّةً أن قَدْ تَناهى الى سَمْعِه كلمةَ “حرامي” يَلْهَجُ بها أَحدُ الزُّمَلاء في الرُّكْنِ الآخرَ من الغُرفة…

– “لا تَعُد في الغَد إلّا بِمعيَّةِ وَليّ أمرِكَ”. قالتها الأمّ الرئيسة بِحِدَّة.

… يعود؟ ولماذا يعود؟ ومن أجل ماذا يعود؟ وهل بمقدور والدته أن تتحمَّل المزيد من الذُلِّ والخَيبة؟ لا. لن يقول لها شيئًا… وأكثر من ذلك، لن يعودَ الى هذه المدرسة البغيضة. وسوفَ يهجُرُ الدِّراسة أيضًا ليذهبَ الى سوقِ العمل فَيُعيلَ نفسَه ويُعيلَ أُمَّهُ، ولْتذهب المدارس جميعُها الى الجحيم…

… وعادَ ميشال الى البيت في مساء ذلك اليوم؛ أمّا ميشو الصغير فكان قد مات. لقد صَيَّرَهُ ذلك الحادث رَجُلًا، فاختصرعليه سنوات طويلة من النّموّ البطيء. وكان ذلك النهار آخر عهدٍ له بالمدرسة. أمّا الأم فقد رضَخَتْ للأمرِ الواقع بعدما أقْسَمَ وحيدُها بترابِ أبيه أنَّه سَيَرْمي بِنفسِهِ من الطّابقِ الثّالث في المدرسة إذا ما أُرْغِمَ على العودَة إلى مقاعد الدِّراسة.

مَرَّ أسبوعٌ والصَّبيّ لَمّا يَرجع الى مدرسته بَعد. وقد سَرَتْ شائعات في الصَّف مفادُها أنَّه التحقَ بالمدرسة الرسميَّة في البلدة المجاورة. كما أنَّ مراجعات المدرسة لإِقناع الصَّبيّ بالعودة قد ذهبت كُلّها أدراج الرِّياح. وَلِتبْريرِ ما حصَل مع الصَّغير، نَظَّمَت المدرسة لقاءً تربويًّا تحت عُنوان “حقوق المُلْكيَّة الفِكْرِيَّة”. وتبارى المحاضِرون في الخُطَبِ، حتى لتخال الحُضور قَد أَتَوا من البلاد الإسكندينافية أو مِن سْويسْرا. وطبعًا كانت الآنسة رضا نَجمةَ اللِّقاءِ بغيرِ مُنازِع.

أمّا الصَّبيّ فلم يُضِع شيئًا من وقتِه؛ لقد اتَّفَقَ مع جارِه، صاحبَ الكُشْكِ المُجاوِر لبيعِ المُعدّاتِ الموسيقيَّة، بالعمل لديه، وبتسويق الأسطوانات المدمَّجة من أغانٍ وأفلام وبرامج تكنولوجية…

وهناك عِندَ إشارة المُرور، في عصرِ ذلك اليوم بالذّات – يوم لقاء الحقوق الفكريَّة – وفِيما سيّارة الآنسة رِضا متوقِّفَةٌ على الإشارة الحَمْراء، إذا بالتّاجِر الصَّغير يَقترِبُ مِنها عارِضًا بِضاعَتِه. وإذْ اعتَبَرَتْهُ نَكِرةً في النَّكِرات، فلم تنظر إلى وجهه، بل سارَعَت إلى تَفَحُّصِ الأسطواناتِ المَعْروضة.

– بِكَمْ هذه الأسطوانة؟

– هذه الأسطوانة بِسبعَة آلاف ليرة، وتِلك الَّتي في الحَقيبة في الجَيْبِ المَخفيّ بألفٍ وخمسمئة ليرة فقط.

– ماذا تعني؟ أرِني إِيّاها…

وَبعد الإلتفاتِ يَمْنَةً ويَسْرَةً، أَخَذَتِ اليَدُ الخفيفةُ طريقَها إلى الجَيْبِ المَستور فَاسْتَلَّتْ الأسطوانَةَ الأُخْرى.

– ولَكِن ما الفرْق؟ ألَيْسَت كِلتاهُما لوائل كفوري؟ فهذه قائمةُ الأُغْنِيات نفسها قَد دُوِّنَتْ على كِلا الغِلافَيْن!

– نَعَم إنّها الأُغْنِيات نفسها، ولَكِن يا سيِّدتي هذه الأسطوانَة أْصليَّة بينما الأُخْرى هيَ مُجَرَّد نُسْخَة فقط، أو “مُقَرْصَنَة” كما يقولُ “الدَرَك”، ولذلك نَضَعُها في الخَفاء.

– ما هَمّ؟ أَعْطِني النُّسْخَةَ. فأنا أريدُ سَماعَها فقط، ولَسْتُ بوارِدِ وضْعِها في “بُروازٍ” في الصّالون.

وناوَلها البائعُ ما أَرادَتْ… وحين انطَلَقتِ الزَّبونة عند الضوءِ الأخْضَر، انفَجَرَتْ من جَوْف الصَّغيرِ صَرْخةُ استِهْزاءٍ مُدوِّية: “أيها المخادعون”.

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. حيّاك اللهُ يا صديقي، يا أستاذ باسم
    لقد أبدعتَ يا صديقي،
    أعتقد أنّ القوانينَ وحتّى الأعراف قد فُصِّلت على قياس الأقوياء، ولحماية وصون مصالحهم،.. فلا أمل ولا مُرتَجى لجان فالجان ولا لغافروش في مجتمع الظلم، ومهما بلغ كمُّ المروءة والشهامة والطيبة في وجدانيهما وأفعالهما… القوانينُ والأعرافُ التي نُجرِّدُها من بعدها الإنساني ومن جوهر الرحمة الذي ينبغي له أن يكون هدفا رئيسا لها، إنّما نُلْبِسُها بذلك ثوباً يوضاسيّا، هو ثوب الظلم، وخيانة الضمير والإنسانيّة …لقد علّمني أبي أنّ المعرفة نعمةٌ إلهيّةٌ، وهي حقٌّ طبيعيٌّ لطالبها، ومن يبخُل بعلمٍ أو معرفةٍ فيهما خيرٌ للناس إنّما يتحدّى ببخله الذات الإلهيّة،…حمى الله أنامل رجل المروءة والأدب الهادف التي خطّت هذه الأسطر الرائعة
    محمد يوسف الحجيري