ايلي زيني وريشة الشباب

Views: 822

د. جان توما

ماذا تركنا للشباب؟ أتركنا لهم وطنًا تتنازعه المصالح الفئوية والمناطقية والمذهبية والطائفية! هذه لوحة بريشة شاب كان يجب أن يرسم بالألوان مستقبله الآتي، أو كيف ينظر إلى الوطن الذي يشتهيه؟

سقطت ريشة الشباب هنا، بل قل ألبسنا الشباب ثوبًا خيطناه بمشاكلنا، ودرّزناه بخلافاتنا وقلنا لهم:  “هذا لباسكم”. في هذه اللوحة يصرخ الشباب فينا: “لكم لباسكم ولنا لباسنا، لكم وطنكم ولنا وطننا، لكم أحلامكم ولنا أحلامنا. دعونا نفجّر رؤانا وقد فجّرتم كلّ قطاعات البلد”.

لم يعد يقبل الشباب وقد “تعولموا” وصار العالم بين أيديهم أن يجوع أحد، أو يموت امرؤ على باب مستشفى، أو أن يلتحف إنسان أرصفة المدن لينعم بغفوة عين.

 

لم يعد الشباب اليوم يقبلون بفقدان رغيف الخبز أو حبّة دواء أو حتى في تأمين مسكن. هم فقط يبحثون عن استقرار وأمان اجتماعي. هزّتهم أحوال أهلهم الذين عاشوا أهوال الحروب وواكبوهم في تعبهم ووجعهم وأحزانهم، وضجروا من سردهم الدائم لما جرى في هزّات البلد كلّ عقدين من الزمان. كأنّه مكتوب للوطن أن تبقى أيدي أبنائه قابضة على حقائب السفر لأنّ صفّارة الرحيل لا تقصّر في توسيع مدى الصوت.

ماذا بقي للشباب من الوطن غير فعل الرجاء والإيمان؟ ولكن الأهل أيضًا راهنوا على ذلك وما أورثوا أولادهم أحلام وطن الغد.

كثيرون تركوا البلاد منذ عام ١٩٧٥، ولن يتوقف النزف لأنّ الجرح مؤلم ولم تعد تنفعه المطهّرات، إضافة إلى حيوية شباب اليوم في الرغبة بالحياة وأن تنبض حياتهم، كما يرون على الشاشات، بفرص عمل لينعموا بسكينة ليواجهوا تكاليف الحياة.

ايلي  زيني رفع ريشته في مواجهة ما يجري. خرطش على القماش، بلبل الألوان، عجقَ الدنيا من أجل وطن يسعى إليه مع الشباب و… سينالونه.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *