عند باب السؤال

Views: 1398

د. جان توما

تسقط الحضارة حين تسقط كرامة الإنسان، وحين تفقد الدول نبض شبابها، ويجلس عجائزها شبه عراة، عند ما تبقّى من أبواب العوز والفاقة.

ما هذه القضيّة الصعبة في احتضان كبارنا؟ من يرفع عنهم ذلّ السؤال؟ أصلًا لا داعي للسؤال إن كانت الدول في خدمة بنيها؟ فالدول الواعدة تعرف من تلقاء نفسها أنّ السلطة خدمة الناس، والمرضى أوّلًا .

لماذا تفشل أغلب الدول أمام الشرايين النافرة والملامح المجعدّة، وتراجع الهمّة؟ ولماذا يبقى المقطوع من شجرة، بلا عائلة، مقطوعًا من الدولة؟ ولماذا يشعر المواطن أنّ مستقبله غامض في غياب الضمانات الاجتماعيّة الإنسانيّة؟ ولماذا تلحظ الخوف الدائم في أعين المواطنين من الغد؟

هذا خوف ليس وليد اليوم، إذ أتذكر الكبار الذين رحلوا في النصف الثاني من القرن العشرين وهم ينتظرون كل ّصباح صدور قانون ضمان الشيخوخة.

ارقدوا هانئين إذ ما زال القانون في غياهب الأدراج، وما زال كبار اليوم يجلسون في بيوت الشيخوخة، أو عند مصطبات البيوت، ينتظرون أن تقوم الدولة بدورها في رعاية مواطنيها عبر نشر شبكة مطاعم مجّانيّة للراغبين، ودور راحة للمتعَبين.

هنا ينتظر العجائز دنو رحيلهم. يتساندون، يتفاهمون، فيما عجائز العالم يتنقلون مجانًا في وسائل النقل العام، ويزورهم جهاز طبي رسمي للوقوف على أحوالهم ومكتسبات أخرى، ونحن أصحاب التبجح بتكرار الأمثال في رعاية الكبير وضرورة حضانته من جديد.

يبقى أن السيّدة في الصورة تعرف أن رجلها هو سندها، ويعرف السيّد في الصورة أنّه ملجأ الموجوعين الضعفاء المتعَبين، كما يعرف الاثنان أن لديهما الكثير من الكلام يقولانه لربّ العالمين.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *