وداعا طبيب الغلابة

Views: 1203

ماجد الدرويش

ودعت مصر يوم الثلاثاء ٢٧ تموز ، والإنسانية جمعاء الدكتور محمد عبد الغفار مشالي، الذي توفي في طنطا.

أيها الطبيب الإنسان:

بفقدك ، فقدت الأرض ركنا من اركان الإنسانية التي تصرخ بأعلى صوتها: الدنيا لا زالت بألف خير..

من انت يرحمك الله؟ وكيف استطعت أن تصمد كل هذه السنين؟

 محمد مشالي من محافظة البحيرة تولد عام 1944 لأب يعمل مدرس، انتقل مع والده إلى محافظة الغربية، واستقر مع أسرته هناك،

تخرج من كلية الطب قصر العيني في القاهرة 5 يونيو 1967، وتخصص في الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات، ليعمل في عدد من المراكز والوحدات الطبية بالأرياف التابعة لوزارة الصحة المصرية في محافظات مختلفة،

وفي عام 1975 أفتتح عيادته الخاصة في طنطا، وتكفل برعاية إخوته وأبناء أخيه الذي توفي مبكرا وتركهم له، ولذلك تأخر في الزواج، ولديه 3 أولاد تخرجوا جميعًا من كلية الهندسة،

وظل لسنوات طويلة يخصص قيمة كشفه الطبي في عيادته الذي لا يزيد عن 5 جنيهات، وزاد مؤخرا بسبب الغلاء ليصل إلى 10 جنيهات، والذي يحصله من الموسرين،  لينفق منه على المرضى الفقراء الذين لا يجدون، والذين كان غالبا لا ياخذ منهم شيئا،  بل يشتري لهم الدواء مما يحصله من الموسرين.

 

منذ فترة استقبلته إحدى الفضائيات في برنامج إنساني، واصاءت على جهوده، وخصصت له مبالغ فطلب ان تنفق على (الغلابة) الءين يحتاجونها اكثر  منه.

سمع به بعض الأثرياء، فقدم له مالا جزيلا، وسيارة جديدة، ليفاجأ بعد فترة انه باع السيارة وانفق ثمنها مع الهبة التي قدمها له لأجل (الغلابة) فهم احوج منه إلى هذا المال..

وهنا يطرح سؤال بدهي: ما الذي حمله على كل ذلك؟

إنه الوفاء لأب مدرس انفق مال علاجه من المرض على ابنه حتى تخرج طبيبا….

 فيوم علم الابن بذلك أشرقت أنوار التضحية في روحه، واقتدى بوالده، فانفق ما عنده على من يحتاجه…

رحمك الله تعالى أيها العملاق في إنسانيتك .. العملاق في حبك ، العملاق في عطائك .. العملاق في وفائك.

وتعسا لدول وجمهوريات تحرم مواطنيها من ابسط مقومات الحياة.. لينعم من لا يستحقون بما لا يستحقون.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *