الأبواب الأبواب

Views: 994

د. جان توما

يسكن البسطاء أينما كان. في بيت؛ بباب أو بدونه، بسقف أو بسماء، بجدران أو بما يشبه تراكم الحجارة.

لذا يأتي الباب معبّرًا عن ساكنيه. متكلّمًا على أهله. مجيبًا عن أسئلة المارّة عن أحوال أهل هذا البيت أو ذاك.

يجمع البسطاء أبواب بيوتهم من هنا وهناك، من مرميّات الجوار أو من المنسيّ في الأروقة أو في الأقبية العتيقة.

في الصورة الأولى كان الباب من مخلّفات كنيسة كما يبدو بعد أن تمّ تجديد أبوابها، فأخذ ساكن هذا البيت قديما بابًا من الأبواب الداخليّة للكنيسة وجعله بابا خارجيًّا مقدّسًا لسكنه،  وتشير إلى ذلك صورة الحمامة، وهي رمز مسيحي واضح.

ودارت الايام على هذا البيت العتيق، نزل فيه من نزل، ورحل من رحل، وتناوب على سكنه من بقي في هذا الحيّ أو من اعتمد البيت محطة عبور إلى مكان آخر.

لم تعد عواميد المدخل تحمل الباب الثقيل المزخرف، فجمع صاحبه ما تيسّر من خشب بسيط وأنشأ بابًا جديدا يحمي داره ومبيته. تخلّى عن أسماء الذين عبروا هذا الباب وعن وجوههم الضائعة في المفاصل والمفارق والمنعطفات، منذ مئات السنين.

 لعلّه أطلق سراح الحمامتين بعد أن بقيتا حبيستي قفص الباب، ولكن في الحقيقة صار ذاك الباب العتيق بساط الذكريات، يطوف في أروقة المدن البحرية، يعانق الأزقة القديمة و يمسح الحزن عن المعارج.

 

( الصورة للصديق جان رطل)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *