“فيحاؤنا” في مهرجان الشعر في مركز الصفدي الثقافي بطرابلس

Views: 2388

أقام تجمع “فيحاؤنا حاضنة الثقافة لكل الأزمان” المهرجان الشعري الشمالي في طرابلس، الذي قدّم له الدكتور جان توما وشارك فيه الشعراء: مصطفى عبد الفتاح، محمود درنيقة، سعد الدين شلق، ميراي شحاده، يسرى بيطار، محمود عثمان، أحمد يوسف، سهيل مطر وفوزي يمين. في ما يلي تقديم الدكتور جان توما للمهرجان وللشعراء: 

 

 

إنْ  تأوّه شاعر توجّع العالم، وأنّت النايات، وتألم القصب. لمَ كلّما ضؤا بيت من الشعر اشتعل الكون إبداعًا وغنّت المآقي واغتسلت بماء الذهب؟ كثر مُدّعوا الشعر وتناسلوا كخيوط عنكبوت الشبكات الافتراضيّة، فكانوا شاشاتيّا أوهنْ، فيما جاد لسان الناطقينَ بالضادَ بلاغة وسروا في أحلى المعارج وأحسنْ.

تستحق “فيحاؤنا” أن يُنشدَ شعراؤها ويعلّقوا قصائدهم على جدران المدينة، وأن يزيّنوا أكتف الحسان بوشاحات مطرّزة، وأن يُسكنوا الأطفال بيوت التراث ليفرحوا بالموروث والشيَمْ، وليلبي الفرسان شوق الصحارى وجمالات أمكنة العصر لتستقيم القيمْ في محراب الكلمة العطشى للصورة الآتية من ألق الخيال، فتحسّبوا لحضور امرىء القيس والمتنبي والأخطل وابن زيدون  وولاّدة والسياب وأدونيس ودرويش وغيرهم، أولئك الذين إذا استكتبتهم كانت قصائدهم من جرار الإرث والحداثة، تشربون سلسبيلا ولا ترتوون، ترحلون على بساط الريح فلا البساط ينهي رحلته، ولا الريح تكفّ عن الدوران.

الشاعر مصطفى عبد الفتاح

هي أمسيّة ليست كالأمسيّات، فأنت هنا في مسيار تنقطع فيه عن المحيط، حيث لا شراعَ إلاّ الكلمة، ولا نسيمَ إلاّ المفردة، تعلو رمل القصيدة حافيا، تلملم مَحار الكلمات، وتفرح بصوت الصدف لتؤمن بأنّ الأذن تعشق قبل العين أحيانا. كلمات مصطفاة في الافتتاح مع الشاعر مصطفى عبد الفتاح.

الشاعر محمود درنيقة

ما زلت أذكر يوم جلسة مناقشة أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربيّة حيث بدأ مداخلته التمهيديّة بقصائد من عيون الشعر تحيّة وتقديرا لمن رافقه في مسيرته البحثيّة. صيّر يومها الشعر سيّد المجلس فراح المناقشون يبحثون في معاجمهم عن درر الكلام وجواهر المعاني.

الشاعرة يسرى بيطار

ما هو الشعر؟ هو ذاك الذي لا شاعر فيه، بل ذاك الذي يصير فيه الشاعر القصيدة والبيت والروّي والقافية وما إليها. القصيدة زورق المعاني تطفو على وجه المفردات كزهر الجلّنار، توءَنسن القصيدة فتمشي بين الناس، كرغيف خبز صباحيّ غزلته أيادي الأمهات لتطلّ العيون من مَطلّاتها على تنهيداتهن وقد غفت على هدهداتهنّ. تعيش شاعرتنا على وعد السنابل الشعريّة، على جمعِ حبّات الحنطة المترعة بالخيال لتكون القصيدة أبهى وأجمل وأحلى.

الشاعر سعد الدين شلق

يمشي الهوينا كي لا يطأ خطأ إحدى مفرداته المرافقة سيرًا، ولا يخرج يده من جيبه سريعا كي لا تتساقط منه الصور وتستباح. يقصد البحر لا ليطعم النورس التائه على شاطىء العمر، بل ليملّح مفرداته بما وافاه من طيّبات دسكرته راس نحاش ومن الفيحاء المالحة إلى حدّ العذوبة.

الشاعرة ميراي شحاده

هكذا تأتي القصيدة إلى القصيدة، وهكذا يولد الديوان من الديوان، وهكذا تدور مجالس الثقافة في الجهويّات كلّها  لتجمّع أهل القلم في مبادرة “حداد”. تعرف كيف تخرج الحديد من بيت النار لامعًا لتحيله من الاحتراق إلى الاختراق، فتسقط الأبجديّة ياسمين فرح في محابر الكتّاب، فلا الياسمين يتعب من بوحه في الفيافي والتلال، ولا ميراي تتعب من حمل حقيبة الشعر، ولا تئن كبوهيميّة من الترحال والتجوال.

الشاعر محمود عثمان

يذهب شاعرنا إلى أنّ الشعر يعيد ترميم العالم، لذا اقتحَمَهُ. يعرف شاعرنا أنّ الشعر لا تعريف له. حاول بحسّه القانونيّ أن يكون مأمور قصائد، أن ينسب  الشعر إلى مطرح، فالتقاه في المطارح كلّها. تعامل مع النثر في الرواية، ومع الصورة الشعريّة في البيت المسكون بالخيال، فلم يلقَ إلّا التعب في البحث عن ليلاه وما زال.

الشاعر سهيل مطر

يأتيك المطر خفيفًا ليطربك، فإن وافاك امتشقته كسيف في لامع الأيام. هو شاعر ناريّ ومائيّ، ترابيّ وسماويّ، كأنّ المقصود في سيميائيّة اسمه، أن تقع على العلاقة الإسراريّة ما بين الأرض والسماءْ، فسهيل فلكيًّا نجمٌ يتألق عاليا فيما يغسل ترابَ الأرضِ بالماء. مع سهيل مطر تفرح الكلمات في تعاملها معه، لأنّه كالقصيدة عنده ألف جواز سفر، فمن أسماء سهيل التي عرفتها العرب : الوسيم، اللامع، النبيل، المجيد، فمن جمعها كيف لا يسود القوافيَ؟

الشاعر أحمد يوسف

أنيقُ العبارةِ، منتقيها بمودّة فتقوده برويّةٍ . أتقن الدروب والقادوميات فاختصر المعنى بمرونة الكلمات. يقصد المعاجم من باب التصويب فيما يلملم قلائد المفردات من حقول الضنّية وسهول طرابلس وتلال الكورة، من ألسنة الناس ومن بسطاء القوم ليكون رسولهم وقد غارت فيه روافد الكلمات والكلوم الجريحة لتقف القصيدة حيّة كـ”غادة” حاضرة لا تمضي ولا ترحل.

الشاعر فوزي يمّين

شاعرنا حارس المواقيت الجميلة، في نوبته يكدس الليلك في الدروبِ إذ يرى أنّ الشعراء اليوم كثيرون لكن الشعر قليل. يرصد التحوّلات الشعريّة لذا هو وريث الحداثة العربية مؤمنًا بأنّ الشعر عنده مصالحة الداخل والخارج، مصالحة الذات مع جوهرها، لذا تصحّ الشهادة له وفيه، إذ ” ترونه في ضحكة السواقي/ في رفّة الفراشة اللعوبِ/ في البحرِ في تنفّس المراعي، وفي غناء كلّ عندليبِ.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *