الوقت الضائع

Views: 306

جوزف أبي ضاهر

 

حمل أحلامه على كتفيه وخرج ليبيعها:

­ مَن يشتري حلمًا يربح هناءةً، ولو لفترة اقناع الحلم بأن يترك رداءه على كرسي ما جلس عليها، حين دخل…

ظلّ واقفًا، كأنه على موعد دائم مع الرحيل. خاف يتم القبض عليه بتهمة رشوة الناس بأكياس السكر واللوز وغناء العصافير… برحلة تمتد من «نبع الينابيع» إلى «كَسرِ» الموج المعجوق أبدًا في وداع العابرين من التراب إلى الموت غرقًا.

صدّق العاشق أن الغرق في الموج الأزرق يدفعه إلى ولادة ثانية. منها أو من غيرها لا فرق. المهم أن تكون هي مَن يولد منها وبها وفيها.

هي لم تصدق مزاعمه… وأحلامه التي تتنقّل من عشقٍ إلى عشقٍ. ما عادت مفكرتها تسع: أسماءً، وجوهًا، أصواتًا، أحلامًا… ليس بينها وريث حياة أكان الوريث يحمل اسم علمٍ، أم مجهول الصفات ومن دون ذاكرة: توجعه، تعذّبه، وتحرّضه على الهرب، بعد الأقل من لحظات الهناءة…

الهناءة ما كانت مرّة أطول عمرًا، ولو تسمّرت وشمًا في ذاكرةٍ تضطرب وتحاول أن تعض على جرحٍ، مثل الذي انوجد قبلاً، ومثل الذي سيأتي بعده… مجرّد علامة. مجرّد تجربة تمّت، أو لم تتم. يكفيها أنها مرّت مرّةً في بال. لتتحوّل ذكرى لطيفة تُقدم في الوقت الذي ضيّع ذاته، وما وجد ذاتًا تقبل أن يضمها إليه.

 

فراشة

راقبت فراشة في ثوبها الأنيق تتنقّل حطًّا على الزهر: مِنَ الأجمل إلى الأكثر جمالاً.

ما تعب لها رفيف جَناح، ولا توقف فمها عن امتصاص الرحيق قُبلاً ولا أشهى.

حين خافت مللاً، أمرت الجناحين بحملها، فراحا بها من شأنٍ إلى آخرٍ… ومن فوحٍ إلى فوحٍ.

قُطع لسان البوح، وما درت العيون المراقبة النهمة للتمثل بها… وما استطاعت.

 

صيف

نسي الصيف قبعة الشمس على البيدر.

خرج مكشوف الرأس…

عنيد! لم يتعظ من «ضربة شمس» أصابته، وما زالت أصابعها وشمًا على خدّيه.

 

صوت

«يتشكّى» الغني بالمال، أمام الفقراء، بأنهم أسعد حالاً منه… يخاف حسدهم!

بعض الفقراء يصدّق، يحاول أن يصدّق، أن يسوّق للسعادة المارة من أمام بيوت ليس فيها من الخبز ما يكفي أفواه صغارها.

… ويَقنع بـ «كنز» قناعته التي تعضّ الجوع حتّى ابتلاعها صوته… لا يعود يفضحها.

[email protected]

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *