فؤاد الخشن… شاعر الريف وعلم من أعلام الشعر الحديث

Views: 1060

وفيق غريزي

يعتبر الشاعر فؤاد الخشن في طليعة جيله، يحدد الحس الشعري بكل قوة وتواضع وبساطة. دأب في التجديد مستكملا شيئا فشيئا ادواته الشعرية.

إن هذا الشاعر لم يأخذ الموقع الذي يستحقه بين الشعراء العرب المجددين، المعبرين، كل في اسلوبه، وامكاناته وقدراته.

قال عنه الاخطل الصغير: “لا شك انه يتذكر انني كنت أول من تنبأ له بهذه المرتبة الشعرية التي يتبوأها اليوم، ذلك عندما سمعت لأول مرة شعره الذي يتحلى باصالة ورقة هما حلية الشعر ومطمح الشاعر”. اما الشاعر عمر أبو ريشة فقد قال: “فؤاد الخشن يعرف كيف يجنح الحرف ويطلقه في دنيا الحب والجمال ليعود الينا منها مثقلا بالعطر والانداء”…

سيرة حياة

ولد الخشن في بلدة الشويفات عام ١٩٢٥، تخرج من دار المعلمين عام ١٩٤٦، مارس التعليم الرسمي من عام تخرجه حتى عام ١٩٥٢. هاجر الى فنزويلا اوائل عام ١٩٥٣، وبقي في المهجر حتى عام ١٩٦٠، تزوج من الشاعرة ادال الخشن وله منها خمسة اولاد.

بعدما عاد الى لبنان نشر تباعا من عام ١٩٦٠ ال عام ١٩٦٩ المجموعات الشعرية التالية: سوار الياسمين – غابة الزيتون – ادونيس وعشتروت – معبد الشوق – الهوى وحديث العينين. نشر الشاعر فؤاد الخشن الكثير من نتاجه في مجلتي “الاديب” و”الاداب” وقام بنشاط اذاعي نال خلاله جائزة “محطة الشرق الأدنى واذاعة لبنان”، عن اجمل قصيدة غزلية. وتأثر بالاحاسيس الانسانية، فوجّه باقة من قصائده تحية الى البلدان الاخرى العاملة في سبيل استقلالها، ثم طاف في رحلة طويلة الى مطارح بعيدة…

 آراء في الشعر

يتناول الخشن اشكالية الشعر العربي الحديث، ومدى تصويره لمناخ العصر واحداثه، غير انه اذا كان المقصود الشعر الحديث الذي ظهرت ملامحه الأولى على ايدي الشعراء: بدر شاكر السياب، نازك الملائكة، عبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري، فهو يصور مشاكل العصر والبيئة وهموم انسان القرن العشرين. اما اذا كان المقصود شعر الرفض والقلق، فهو لا يعترف بكونه شعرا، ويؤكد ان هذا الشعر يصور مناخا غريبا عن مناخنا. ويتطرق الى هموم بعيدة عن همومنا.

وللغربة تاثير على نهجه الشعري، ويعتقد ان معرفته للغة الاسبانية في المهجر، اكسبت شعره موسيقى جديدة تسيل من حروف تلك اللغة التي قال فيها: “لغة القوم بهذه الأرض ايقاع منغم نقر عود، رجع كرات كنار، على الاغصان مغرم “.

كانت حصيلة الغربة قصائد منها: نداء الريف، ذكريات ريفية، وحنين. وهي في اكثرها تصور حنينه الى منطقتي ادونيس وعشتروت…

نهجه الشعري

لم يتأثر الخشن باي مدرسة شعرية غربية حديثة بل أحب ان يبقى خارج هذه الاطر، وأن يتغنى ببساطة وصدق وعفوية بهذه الطبيعة اللبنانية الفاتنة، وأن يظل شاعر الريف. ويقول: “لعل نشأتي بين الاشجار، وفي غابة الزيتون في بلدتي الشويفات، هي مصدر عطفي على الشجرة التي تعتبر اقرب من الكائن البشري في قصيدتي “صوت الشجرة”.

ومن روائع شعره ملحمته المطولة: ادونيس وعشتروت. يقول فيها: “أنا إن غنيت لذاتي لا لتروى او لتبقى أغنياتي، أنا كالموج يغني طربا ثم يغني في الرمال الظامئات لا يبالي سمعت انغامه ام تلاشت في كهوف الظلمات”.

فؤاد الخشن علم من أعلام الشعر الحديث، كثيرا ما نلمس تواضعه وقناعته. وما اشبه مواقفه في تعامله مع اصحاب اجهزة النشر بمواقف الشاعرين الفرنسيين بول فاليري وسان جون برس، فهو المبدع العامل في احدى المهمات الاساسية التي لم يتخل عنها حتى مماته…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *