الاختلاف بالرَّأي…

Views: 109

لميا أ. و. الدويهي

يظنُّ البعض بأنَّ الاختلافَ بالرَّأي يُسبِّببُ خلافات قد تؤدِّي بمعظمِها إلى تفاقُمِ المشاكل، فيُفضِّلون الصَّمت عوضًا عن التَّعبيرِ عن رأيهم بصراحةٍ ومصداقيّة، منعًا لأيِّ تصادمٍ من أيِّ نوعٍ كان… إمَّأ حفظًا لماء الوجه، وإمَّا لأنَّ الآخر لا يتنازل عن مَوقِفِهِ ولوكان مُخطِئًا أو لكونهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع هذه الاختلافات أو حتَّى لكونهم لا يتمتَّعون بشخصيَّةٍ تجعلهم قادرين على مواجهة الآخرين وأساليبهم العديدة…

أعتقدُ بأنَّ الأمر لا يتعلَّقُ فقط بالقدرة على المواجهة أو عدمها، وإنَّما بنوعيَّةِ الأشخاص والقدرة أو عدم القُدرة على التَّواصل معهم…

يعتقد البعض بأنَّ النَّقصَ يكمنُ فيهم فقط وليس بالآخرين وينسون بأنَّنا كلُنا أشخاص غير كاملين وفينا بعض من الصِّفات أو الخِصال التي يتحمَّلُها فينا الآخرون، كما نحنُ نتحمَّلُ فيهم بعضًا من صفاتِهم أو خصالهم… ولكنَّ الفرق يكمنُ في اعتراف بعض الأشخاص بنواقصهم والعمل على تطويرِ ذواتِهم مع الآخرين، على ضؤِ تحليلاتِهم  الخاصَّة ومُراقبتهم لانفعالاتهم الذَّاتيَّة والعمل على ضبطها وأيضًا على ضؤِ ما قد تعكسهُ تصرُّفاتنا عليهم…

قد نختلف في مجتمعنا الواسع أو المحصور ضمن العائلة على أمورٍ ومواضيعٍ شتَّى، إلَّا أنَّ التوصُّل إلى نقاط التقاء يحتاجُ وعيًا من قبل الطَّرفَين وقبول الشخص لنقصِهِ قبلَ قبولِهِ لنقصِ الآخر، الأمر الذي يدفعُهما للتوصُّل إلى مُناقشة نقاط الاختلاف بوعي وبلوغ نتيجة يتمُّ التَّوافقُ فيها على تسويةٍ لا يتنازلُ فيها أيٍّ من الطَّرفَين عن حقوقِه كفردٍ وكيان وإنَّما تحفظ له مكانته وللآخر المكانة عينها المبنيَّة على الاحترام المُتبادل والسَّعي لتطوير نقاط الاختلاف وبالتالي مساعدة الآخر على ضبط انفعالات مُعيَّنة والأهم قراءة مواقف وتحليلها ومُراجعة الذَّات وبعضٍ من ردودِ الفعل والقرارات المُتَّخذة بانفعال وليس بعد طولِ تفكير…

فأكثرُ الأشخاصِ اتِّزانًا وحكمةً ووعيًا مُعرَّضون للخطأ وهذا أمرٌ بديهي، فمهما تعاظمَت ثقافةُ الإنسان وعلا شأنُه وزاد مركزُه رفعةً، يبقى إنسانًا في تفاعلاتِه وأخطائه وسوء رؤيتِه أحيانًا لبعضٍ من الأمور، «فإن عرفنا أشياءَ، غابَ عن بالِنا أشياءُ»…

ما يُزعج هو محاولة التَّواصل مع نوعيَّةِ أشخاص مُتشبِّثةٍ بآرائها، تدَّعي المعرفة، تسألُك عن رأيك ولكنَّها لا تأخذه بعينِ الاعتبار، وترتكنُ إلى ذاتِها وكأنَّها الأخبر والأعلم في كُلِّ الأمور، وقد يكون السبب نابعًا من مخاوف أساسها أن تفلتَ زمام الأمور من الأيدي فلا تعود هذه الفئة تعرف كيف تُواجه الأمور… والبعض الآخر مريض يُعاني من حبِّ السيطرة والتلاعب العاطفي بالآخرين وهذه شخصيَّاتٌ تصبحُ مع الوقت مُشتَّتةً بأفكارِها…

أمَّا مَن كان يَتَّصِفُ بالتَّواضع، فإنَّهُ يُدركُ بأنَّ مَن وهبه طاقاته قد وهبَ غيرَهُ وربَّما بقدره أو حتَّى أكثر، وقد يكونُ هذا الآخر أصغر سنًّا… فلا يتميَّزُ إنسانٌ عن آخر، مهما بلغ سنُّهُ سوى بالخبرة والقدرة على احترام الإنسان حتَّى ولو كان لا يزالُ جنينًا في حشا أُمِّهِ…

١٤/ ٧/ ٢٠٢٠

(Clonazepam)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *