طلوع الفجر…

Views: 11

د. جان توما

 

بالكلمات نجمّل حال  الواقع وهو مرّ. بالأبجدية نجيد عقد الأيام الحلوة وهي  مُتعِبَةٌ وتكاليفها متهالكة. (website) نبحث عن ابتسامة والوجوه صفراء كالحة، والقلوب أجنحة متكسّرة.

سار الوباء خبط عشواء، وأصاب من أصاب . اختلف الناس على جنس الأدوية الشافية، وعلى تراتبية المرضى، فيما الموجوع واحد في عين المولى، والجرح المفتوح ينادي الترياق، فيما الدواء يدور على الأصحاء، فيما هو للمعرّضين أوّلا للعدوى.

لم تعد مقولة ” الجبنة والزيتونة” من أساسيات البيت القائم على السعادة. راحت مع الذين راحوا في بساطة عيشهم وقناعة مسالكهم. صارت قاعدة التهام قوت الناس أولى نصائح الاستفادة من الظروف، وصار تكديس المال من أسس النجاح، وبات التفنّن في استغلال المصالح الوصية الأولى في سلك التوفيق.

علّمنا التاريخ أنّ البارع الشاطر بشطارته هو الذي يعرف كيف يستفيد زمن الضيق، ويبني امبراطوريته من لحم أكتاف البشر. علّمنا التاريخ أنّ الصراخ لربّ العالمين هو الأبقى مسموعًا، فيما الصراخ من أجل تكديس الأموال حجر عثرة في رحلة الحجّ في هذه الحياة إلى وجه من وحده يرث الأرض ومن عليها.

كيف يستكمل الإنسان طيبته في وجع تكاليف هذا الزمن؟ وكيف يمكن للعدالة أن تسود؟ من يقيم التوازن بين حقً المرء وبين كسر قلبه لحاجته؟ يسمع العليّ أنين المرض، وقد وصله صراخ الموجوعين، وحرقة الجائعين والمشردين، فيما يمعن أهل المال والنفوذ طمعا وأثرة وجشعًا. لكأن العالم صار ميدان مباريات روماني في مواجهة أنياب التفنن في افتراس الفقراء والضعفاء تاركًا جراح البائسين مفتوحة في العراء وسط أناشيد الظفر في عاصفة عرق الأجساد العارية الواهية، ولكن الممتشقة درب السماء الحقّ.

اللوحة للفنان حبيب ياغي

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *