الفلسفة المعادلاتية وتحليل الوجود

Views: 452

حسن عجمي

 

 تُعرِّف الفلسفة المعادلاتية الوجود على أنه معادلة رياضية على النحو التالي: الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة رياضياً على المستحيلات. تمتلك معادلة الوجود فضائل عديدة منها نجاحها في التعبير عن مضامين علمية أساسية ما يدلّ على مقبوليتها وصدقها.

 بما أنَّ الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة على المستحيلات، إذن كل الممكنات متحققة بوجود الوجود. ولذلك من المتوقع أن يعبر الجُسيم (كالإلكترون) من كل الممرات الممكنة حين يعبر من نقطة إلى أخرى (فيتخذ مساراً مستقيماً وآخر شبه مستقيم وآخر منحن ٍ إلخ) تماماً كما تقول نظرية ميكانيكا الكمّ العلمية. هكذا تنجح معادلة الوجود في التعبير عن هذه الحقيقة العلمية المُعبَّر عنها في نظرية ميكانيكا الكمّ ما يدعم صدق معادلة الوجود.

 من المنطلق نفسه، بما أنَّ الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة على المستحيلات، وبذلك كل الممكنات متحققة في الوجود، وعلماً بأنه من الممكن للجُسيم أن يكون جُسيماً كما من الممكن للجُسيم نفسه أن يكون موجة بدلاً من جُسيم، إذن من المتوقع أن يتحقق الممكن الأول والممكن الثاني فيكون الجُسيم جُسيماً وموجة في آن، تماماً كما تقول نظرية ميكانيكا الكمّ. هكذا أيضاً تنجح معادلة الوجود في التعبير عن هذا المضمون الجوهري في نظرية ميكانيكا الكمّ العلمية ما يعزِّز صدق معادلة الوجود. 

وجود كل الأكوان الممكنة

 بالإضافة إلى ذلك، إن كان الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة على المستحيلات، وبذلك الوجود مجموع كل الممكنات، وعلماً بأنَّ الممكنات تصف أكواناً ممكنة مختلفة فتصدق في تلك الأكوان المتنوّعة، إذن الوجود يتضمن وجود كل الأكوان الممكنة المختلفة بحقائقها وقوانينها الطبيعية تماماً كما تؤكِّد العديد من النظريات العلمية كنظرية ميكانيكا الكمّ ونظرية الأوتار العلمية. من هنا، تنجح معادلة الوجود في التعبير عن فكرة علمية أساسية ألا وهي فكرة وجود الأكوان الممكنة. وهذا يشير إلى صدق معادلة الوجود ومقبوليتها. فكل الأكوان الممكنة المتوازية موجودة لأنَّ الوجود يساوي كل الممكنات (مقسومة على المستحيلات) وهذه الممكنات المختلفة تصف الأكوان الممكنة المختلفة فتصدق فيها. هكذا الوجود يتشكّل من كل الأكوان الممكنة ولا يتشكّل فقط من عالَمنا الواقعي. 

 إن كان الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة على المستحيلات، وعلماً بأنه من الممكن أن يكون الكون مادياً كما من الممكن أن يكون مثالياً، إذن من الطبيعي أن يكون الكون مادياً ومثالياً معاً ما يمكّننا من وصفه وتفسيره على أنه ذرات وجُسيمات مادية وعلى أنه معلومات مجرّدة ومثالية غير مادية وعلى أنه بناءات رياضية مجرّدة ومثالية تماماً كما تصرّ النظريات المتنوّعة ضمن علوم الفيزياء المعاصرة. 

ولذا تنجح كل النظريات العلمية المادية والمثالية في وصف الكون وتفسيره من جراء أنَّ الوجود يتكوّن من كل الممكنات تماماً كما تقول معادلة الوجود. وبذلك تنجح معادلة الوجود في تفسير لماذا تنجح النظريات العلمية المادية والمثالية في آن رغم اختلافها وتنافسها ما يدلّ على التفوّق التفسيري لمعادلة الوجود. 

وجود الوجود

 معادلة أنَّ الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة رياضياً على المستحيلات تتضمن أنَّ الوجود مجموع كل الممكنات. لكن الممكنات موجودة وإن لم يوجد الوجود لأنها مجرّدة فلا يتم إنتاجها فوجودها في زمن دون زمن آخر ولا تحتاج إلى وجود مادي لكي توجد.

 الآن، بما أنَّ، بالنسبة إلى معادلة الوجود، الوجود مجموع كل الممكنات، وعلماً بأنَّ الممكنات موجودة، إذن لا بدّ من وجود الوجود. لذلك يوجد الوجود. هكذا تنجح معادلة الوجود في تفسير لماذا يوجد الوجود فتكتسب هذه الفضيلة الجوهرية ما يدعم صدقها. بكلامٍ آخر، الوجود موجود لأنه مجموع كل الممكنات، والممكنات ضرورية الوجود (لكونها مجرّدة فلا تكون ممكنة الآن وليست ممكنة في زمن آخر) ما يجعل الوجود ضروري الوجود ولذا يوجد الوجود. وهذا ما تنجح معادلة الوجود في التعبير عنه لأنَّ بالنسبة إليها الوجود مجموع كل الممكنات. 

 معادلة الوجود معادلة سلام أيضاً. فبما أنَّ الوجود يساوي كل الممكنات مقسومة على المستحيلات، وبذلك كل الممكنات متحققة بتحقق الوجود، إذن الوجود يساوي بين كل الممكنات فيحققها جمعاء، ما يشير إلى أنَّ الوجود ديمقراطي من جراء تحقيقه لكل الممكنات فلا يُفضِّل ممكنات معيّنة على أخرى. لكن إن كان الوجود ديمقراطياً بمعنى أنه يساوي بين كل الممكنات فيحققها فحينئذٍ كل الأنظمة الفكرية والسلوكية الممكنة والمختلفة المُعبِّرة عن الممكنات المتنوّعة متساوية أيضاً، بالنسبة إلى الوجود وآليات إنتاجه للموجودات، ما يدلّ على أنَّ معادلة الوجود تتضمن أنَّ كل الأنظمة الفكرية والسلوكية الممكنة متساوية رغم اختلافها ما يدفع بدوره إلى قبولها جمعاء وعدم التعصب لنظام فكري وسلوكي دون آخر فيُحتِّم سيادة السلام. هكذا معادلة الوجود هي معادلة السلام أيضاً. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *