أحلام مستنغانمي تلتقي باولو كويلو في بيروت

Views: 377

زياد كاج

   في كتابها “أحلام مستنغانمي تلتقي باولو كويلو في بيروت” الصادر حديثاً عن “دار نلسن” ( 201 صفحة- 2021)، بلغة إنكليزية متمكنة  سليمة وأكاديمية، تريد تالا حيدر أن تقول كل شيء. تفصّل عشقها اللامحدود لمدينتها بيروت الثكلى، وتعاطفها الشخصي مع ثورة 17 تشرين وما تبعها من حراك، تفجعها  لاستشهاد ضحايا انفجار 4 آب ( بيروتشيما)، وإدانتها للطبقة السياسية الحاكمة والفاسدة وسرقة أموال المودعين والناس. وهي اعتمدت أسلوبًا جمع بين السرد وخلق عوالم لشخصيات شابة تلتقي صدفة بأحلام مستنغانمي، الروائية الجزائرية، وبلولو كويلو، الروائي البرازيلي الحائز على جائزة نوبل الأدبية .

   غلاف كتاب تالا ،  تصميم فريدة ناطور، جاء مميزاً وعكس روح مدينة بيروت العصية والصامدة أمام أهوال الزمن: صخرة الروشة وخلفها دخان انفجار ضخم وطيور تحلق مبتعدة. وهو عكس مضمون الكتاب-الرواية الذي يسرد لقاء أحلام وباولو صدفة في مدينة التناقضات التي ينجذب اليها الكاتب والكاتبة. يجري  بينهما نقاش راق في أحد مقاهي شارع الحمراء حول الحب والحياة والفلسفة.

لكن هذا النوع من النقاشات  النوعية لا  يعود يتكرر في القصة لاحقاً!

   تالا حيدر، إبنة بدنايل البقاعية البلدة المعروفة بمواهبها الأدبية والثقافية( الشاعر حسين حيدر وكثر غيره)، هي خريجة الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية المتخصصة في الأدب واللغة الإنكليزية وصاحبة خبرة في التعليم الجامعي والثانوي. اعتمدت في كتابها الأسلوب القصصي لإيصال والتعبير عن وجهة نظرها تجاه أحوال البلد والسياسة والفساد والإحباط وفي نفس الوقت عن الصمود والمعاندة لجيل شاب لا يفقد إرادة الحياة.

 هي تسأل بحكمة: “من يصدق أن الفاسدين سوف يحاكمون أنفسهم؟”

   تشتعل حيدر ثورةً وغضباً أمام الأحوال التي وصل اليها البلد بعد انتشار جائحة كورونا، وانفضاح مدى فساد الطبقة السياسية، وتهريب الأموال الى الخارج والخسائر البشرية والمادية التي تسبب بها انفجار المرفأ في 4 آب. فالكاتبة تحمل  في ذاكرتها جرحًا عميقًا وقديمًا يعود إلى العام 2005. ففي 14 شباط خسرت أخيها الوحيد، حسين، الذي استشهد في الإنفجار الذي إستهدف موكب الرئيس رفيق الحريري. كان الأخ يعمل في فندق “السان جورج” في دوام إضافي لتأمين صرف معاشات الموظفين.

   تريد تالا -بعقل يتدفق  تفاصيل كعين ماء بقاعية تفجرت للتو- أن تقول كل شيء في باكورتها بكل جرأة  ولو تضمن كتابها سرديات عن شباب وشابات لبنانيات في خضم الأحداث والتقلبات. تسأل معلّقة على لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون بالسيدة فيروز: “ترى من كان يكرّم من ؟”، ولا تترد بتأييد المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع تنديداً بطبقة سياسية بالية وتتعاطف مع شهداء تفجير المرفأ من عناصر الدفاع المدني الذين أُرسلوا الى موت محتم. ولا تنسى  التفاؤل بفوز التيار العلماني في انتخابات الجامعة الأميركية الطلابية في بيروت.

   تمتلك الكاتبة حيدر نفسًا ثوريًا وطنيًا غاضبًا أصيلا يعكس روحاً مخلصةً صادقةً تشع إيماناً ورجاءً بغد مشرق لبيروت ولبنان. فرغم تقهقر العملة الوطنية وفقدان حليب الأطفال والأدوية من الأسواق ووقوف طوابير السيارات الطويلة أمام محطات البنزين، تؤمن تالا بالتغيير عبر الإنتخابات النيابية وليس العنف.

 تُسمي الطبقة السياسية الحاكمة “قتلة الأحلام”.

   تقفز في القسم الأخير من كتابها بسرعة فائقة عابرة لمفهوم الزمن كأنها في عجلة من أمرها حتى تصل الى العام 2060 !! السنة التي ستشهد انتخاب رئيس غير طائفي ونائب رئيس غير طائفي أيضاً.

البالونات الملونة بالعلم اللبناني تغطي السماء احتفالاً.

وتختم  بكلمة  معبرة: “البداية”.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *