النغمة النشاز والخطِرة

Views: 553

خليل الخوري 

 

يتردد كلام كثير، هذه الأيام، خلاصته أن لبنان بلد غني، وبالتالي يمكن تجاوز الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية (…) ببساطة!

لو توقف المتكلمون، هنا، لكان الأمر مقبولاً، أو أقله لكان قابلًا للفهم… إلا أن جماعة الجهابذة والعباقرة والسفسطائيين أصحاب هذا القول، الذين تتحفنا شاشات التلفزة بعصارة نبوغهم، يذهبون إلى حد المطالبة بتجريد لبنان حتى من ورقة التين فيقولون بالبيع!

وما أدراك ما المطلوب بيعه أو حتى رهنه؟ إنه الذهب، وأيضاً الأملاك الأميرية… وبعضهم شطح إلى الأبعد فقال برهن بلوك أو بلوكَين من بلوكات الغاز والنفط…

في تقديرنا أن مثل هذه النغمة النشاز يجب أن تتوقف فوراً، ونرى أن العزف على هذا الوتر هو عملية غاية في الضرر، حتى ولو كان بعض القائلين بها يصدر قوله عن حسن نيّة.

معلوم أن ثمة قانوناً يحظّر بيع الذهب… وأٌقِر تحت ضغط شعبي ووطني عارم قاده في حينه شاعر لبنان الراحل الكبير سعيد عقل.

وأمّا بيع الأملاك الأميرية فهذه بدعة قديمة ــجديدة نعارضها بشدّة لأسباب موجبة عديدة أبرزها أن هذه الأملاك ليست ملكاً للدولة بالمفهوم اللبناني الخاطئ الذي يُعرِّف الدولة على أنها أهل السلطة والنفوذ…

ولو افترضنا جدلاً أنه تمّ البيع المزدوَج (الذهب والأملاك الأميرية) فالكل يعرف إلى أين وإلى مَن ستؤول الأموال.

وطالما أن الجميع يتهم الجميع بأنه فاسد، وبأن الثروات هي مال حرام جيء به على حساب الناس وحقوقهم، فلماذا لا يُؤخذ من اللصوص الفاسدين، وما أكثرهم، بعضٌ مما سرقوه طوال عقود وحتى اليوم، ما يُسهم في التخفيف من وطأة الأزمة الخانقة؟!.

وأما عن رهن غير بلوك من منطقة المياه الإقليمية اللبنانية التي يصنّفها الخبراء العالميون بأنها تحوي أحد أكبر خزّانات العالم غازاً ونفطاً… أما عن هذه النقطة فليطوِ السياسيون خلافاتهم المعروفة، وليبادروا إلى التوافق على التنقيب، حيثما كان، مع المتابعة الحازمة لحقوقنا التي يعتدي عليها العدو الإسرائيلي.

لبنان غني؟ صحيح، ولكن اللصوص والفاسدون أثبتوا، حتى إشعار آخر، أنهم الأقوى.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *