“جحا”… والضحك على هزالة الأيام

Views: 376

سليمان بختي

 

تنسب أغلب قصص جحا إلى الخواجة نصير الدين الطوسي وخاصة ما أورده في كتابه “حكايات وحوادث ونوادر الخواجة جحا”.

هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي (1201-1274) المعروف باسم نصير الدين الطوسي، فلكي وكيميائي وفيلسوف.

 ولد في طوس في منطقة خراسان. ثم انتقل إلى نيسابور لدراسة الفلسفة على يد فريد الدين العطار. كتب دليل التصوف بعنوان:” أوصاف الأشراف”.

 تم القبض عليه بعد غزو قلعة الموت من قبل القوات المنغولية. ولكن لم يقدموا على قتله لمعرفة المغول بمكانته العلمية والفكرية. استفاد المغول من معرفته بعلم التنجيم والطب. وتمكن الطوسي أن ينتزع من هولاكو الأمان واستطاع إنقاذ بعض العلماء مثل ابن الغوطي ومحي الدين المغربي، كما أنقذ عشرات الآلاف من الكتب النفسية والآثار العلمية. واستطاع إقناع هولاكو بإنشاء مرصد فلكي في مدينة مراغه مع مكتبة قيمة.

كتب في علم الحساب والمثلثات والجبر والهندسة والفلك والتذكرة النصيرية   . وكتب في الفقه “تجريد الكلام في تحرير عقائد الإسلام” و”مقامات الخواجة نصير الدين الطوسي”.

نصير الدين الطوسي

 

اخترت هذه القصة لأنها تحمل فكرة تبرير السلوك إلى حد اللامنطق واللامعقول، إلى حد النفاق المبتذل، وإلى حد الضحك على الوقائع والتناقضات وهزالة الأيام.

“لم يترك جحا مهنة إلا وزاولها أتقنها أم لا. كان “مسبع الكارات” كما يقال في بلادنا. ذات مرة عاش في قرية نائية أغلبية سكانها من الأميين قراءة وكتابة. كان معظمهم يلجأ إلى من يستكتبه رسالة إلى قريب هاجر إلى قارات بعيدة طلبا للرزق.

قرر جحا الذي بالكاد يعرف القراءة والكتابة أن يعمل في كتابة الرسائل لمن يرغب من أهالي القرية.

جاءه إنسان هاجر شقيقه منذ سنوات ويريد أن يكتب له رسالة يستفسر فيها عن أوضاعه وأحواله. استقبله جحا بالترحاب ودعاه للجلوس قربه ثم أحضر ورقة وقلما وطلب منه أن يملي عليه ما يريد.

بدأ القروي يملي على جحا قائلا:”أخي العزيز صالح… نحن في القرية منذ سفرك ندعو الله أن تكون بخير..” وظل يملي وجحا يكتب حتى امتلأت الصفحة الأولى من الدفتر. عندها توقف لحظة وطلب من جحا أن يعيد قراءتها عليه عله نسي أمرا أو لإضافة فكرة. اقتطع جحا الورقة من الدفتر وحاول قراءة الخرابيش التي خطها ولم يستطع أن يقرأ أكثر من بدايتها:”أخي العزيز صالح..” ثم نظر إلى الرجل أمامه قائلا:”يا أخي ليست القراءة مهنتي، إنما الكتابة وحدها. لذلك نتركها ليقرأها أصحاب الإختصاص. عدا أن الرسالة ليست موجهة لي ولا يجوز لا في الشرائع السماوية ولا الوضعية أن نقرأ رسالة ليست لنا وإلا نكون نخالف الشرائع”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *