علّقوهم

Views: 215

خليل الخوري 

لم يعد في القاموس، وبالذات قاموس الغضب والقهر والكفر، المزيد من الكلام الذي «يفشّ الخلق»، إلّا قِيلَ في هؤلاء الذين يتلاعبون بالليرة اللبنانية، هبوطاً لا قعر له، إزاء الدولار الأميركي، مع الانعِكاسات والتداعيات، ليس فقط على ظروف الناس الاجتماعية – المعيشية وحسب، بل أيضاً على حياتهم بالمعنى المباشر والحقيقي للكلمة.

فالمريض بالداء العضال الذي يتعذّر عليه الحصول على الدواء لعجزه عن تأمينه لارتفاع سعره، بسبب فلتان الدولار، معرّض لأن يفقد حياته.

والذي يرتكب جريمة، ربما تصل إلى حدود زهق الأرواح، لأنه عجز عن توفير الأكل لأولاده، فهو يكون قد قَتَلَ بسبب ارتفاع سعر الدولار. (…).

وما بين هذين المثَلَين توجد عشرات الأمثلة التي تبيّن مدى الجريمة التي يرتكبها المتلاعبون بالعملة الوطنية إزاء الورقة الخضراء.

والكلام الاتهامي بالتلاعب بصرف العملة، ليس من عندياتنا، إنما هو ترداد لاتهامات وجّهها مسؤولون في الحكومتين الحالية والسابقة، علماً أن هؤلاء مسؤوليتهم كبيرة، إذ عليهم ألّا يقفوا يتفرجون على هذه الجريمة الموصوفة وكأن حلقاتها اليومية تدور في بلد آخر.

ربّما ذهبنا بعيداً بمطالبتنا بتعليق المسؤولين عن جريمة إفقار اللبنانيين على أعواد المشانق، فنحن لا نؤمن بانتزاع الحياة، فهذا شأن رب العالمين… ولكن، كما قلنا في عجالة أمس، لم يعد مستساغاً استخدام القفازات أمام هول الجريمة المتمادية في بيان تصاعدي، وبسرعة صاروخية دفعت متاجر ضخمة وبعضها عريق، إلى إقفال الأبواب، لأنه ليست الليرة وحدها دوّخها الدولار «المهوشل» ركضاً!..

بلى! علّقوهم وهم الذين علّقوا هناء الناس وأمنهم الاجتماعي والغذائي.

علقوهم، وهم الذين حرموا الناس اللقمة، لقمة العافية والكرامة.

علقوهم، وهم الذين عمموا الجوع والقهر والكفر.

علقوهم!

… ولكن مَن يُعلّق مَن؟!.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *