سرقة منزل الشاعر خليل مطران في بعلبك… سطو على رموز التراث والثقافة

Views: 762

سليمان بختي

“أقدم مجهولون عى سرقة منزل الشاعر خليل مطران التراثي في بعلبك وإفراغه من كل محتوياته وأبوابه ونوافذه..” 

هكذا ورد الخبر وما أقسى وقوعه… حتى بيت الشاعر في لبنان لم يرحمه الزعران.

لو تعرفون من هو خليل مطران ( 1872-1949) شاعر القطرين (لبنان ومصر) وشاعر الأقطار العربية وشاعر الوجدان لخجلتم ولعمرتم له في مسقط رأسه بعلبك أكثر من بيت ومتحف وحديقة ومركز وأعمده وفاخرتم به وبشعره الأمم.

 

كان الشاعر معاديا لدعوة الخلافة التركية. تلميذا في المدرسة البطريركية عائدا الى فراشه ليلا ووجده مثقوبا بالرصاص. حاول عملاء الأتراك اغتياله لأنه كان يدعو الى الحرية. سافر الى باريس عام 1908 هربا من ظلم الأتراك. كما ناصر الحركات العربية الداعية الى التحرر من النير التركي ومن الاستعمار الأوروبي المتمثل بإنكلترا وفرنسا وإيطاليا. هل عرفتم من سرقتم “يا أمة ضحكت من سرقاتها الأمم؟” 

هل تعرفون أنه كان مجددا كبيرا في الشعر العربي وقال عنه الدكتور طه حسين:” إنك زعيم الشعر العربي المعاصر، وأستاذ الشعراء المعاصرين”. وقال عنه إلياس أبو شبكة:” سيد شعراء العرب واول صرح جديد في الشعر العربي، وأعرف الأدباء جميعا بمداخل اللغة وخارجها”. وأنه كان الجسر الذي انتقل عبره الشعر العربي من الكلاسيكية الى الحداثة.

هل تعلمون مبلغ دعوته للمحافظة على اللغة العربية حين قال:” يا أمة العرب التي هي أمنا/ أين الفخار نميته دعاك/ يمضي الأمان وتنقضي أحداثه/ وهواك منا في القلوب هواك”. وتابع” إذا ما القوم باللغة استخفوا/ فضاعت، ما مصير القوم، قل لي/ وما دعوى اتحاد في بلاد/ وما دعوى دمار مستقل”. وهل تعلمون أنه هاجم في شعره رموز الظلم والاستبداد في العالم مثل ” كسرى” و” فيرون”. وأنه أراد أن تشعر الشعوب بمسؤولياتها، بحقها في الحياة الحرة، وأن لا تتنازل عن هذا الحق أبدا. 

 

هذا الشاعر الكبير كرمه الخديوي عباس حلمي عام 1913 بوسام المجيدية، ونظرا لجهوده الأدبية كرمته الحكومة المصرية بمهرجان تكريم دعت إليه كبار الأدباء والمفكرين في دنيا العرب. وقرأت الأديبة مي زيادة رسالة جبران (1949). وأنعم عليه الملك فاروق بلقب البكوية.كذلك كرمته الدولة اللبنانية ومدينة بعلبك عام 1966 بإقامة تمثال له في حديقة منزله.

كيف يقبل أهل بعلبك وأهل لبنان أن يسرق منزل الشاعر الذي هو رمز لروح الأمة ووجدانها؟ والسؤال برسم وزارة الثقافة واتحاد الكتاب اللبنانيين وأهل الفكر والثقافة في هذا البلد؟ يا لصوص بلدي، إرحمونا، إن الذي سرقتم بيته اليوم سرق لنا نار المعرفة والإبداع ووزعه علينا كالأمانة ووزع علينا بيوت الشعر والقصائد. ولبث يحن حنينا صادقا الى لبنان ويوصى أن يدفن فيه مرددا ” ايه آثار بعلبك/ بعد طوال النوى وبعد المزار”.

 

هذا بيتك الذي سرق مثل بيوتنا وأرزاقنا التي سرقت وكرامتنا التي انتهكت. أعذرنا فكيف لمن لا يقدر أن يحمي بيته وساحته أن يحمي دارك وساحتك.  وكيف لمن لا يستطيع ان يحمي حاضره أن يحمي تراثه ومستقبله وهويته. سامحنا ولا نجد الا ما كتبته انت غير مرة :” كنا نود لك التكريم تلبسه تاجا/ وقد وفرت من حولك النعم/ لكن قضى الشرق ان يشقى أفاضله/ وأن يكون جراء العامل الكلم/ من عاش في قومنا والعلم  رازقه/ فحظه ما جنى من نوره  الفحم/”. 

كنا نود لك تكريما وليس محضر سرقة وبهدلة، ولكن “نيالك”، لا عين ترى ولا قلب يوجع. بلدنا وبلدك لا يشبهنا ولا يشبهك  ولا يشبه اهلنا ولا حياتنا. 

هذا زمان القهقرى ، الناس فيه تمشي الى الوراء، وإذا بقيت كفة الأوغاد راجحة، سنظل نذوق ذاك الطعم المقيت بلونه والرائحة. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *