الحلقة الثالثة والثلاثون من رواية “بَحر” لـ كابي دعبول

Views: 133

 

*”للصخور أسماء في الضيعة التي أبصرت فيها النور” (أمين معلوف-كتاب “صخرة طانيوس”)

 

 

يجلس حنا على صخرته المرتفعة فوق مياه البحر. يتأمّل الشاطئ الصخري وتراكض الأمواج باتجاه الشاطئ. يفرح، يحزن، يبتسم، يبكي، ناظرًا الى الأفق البعيد، يشكو همومه الى البحر، طالبًا منه الإتيان بأمل جديد يطفو على أمواجه المتراكضة نحوه. حتى بات لحنا مع صخرته عشرة وطول رفقة أمّنتا له ملاذًا آمنًا لمراجعة الذات والتأمّل. إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء، غير أن صخرة حنا تبقى الاستعارة الحقيقية الوحيدة الراسخة  في هذه الرواية، إذ كم من أمكنة تركنا فيها شيئًا من ذاتنا، مهما ابتعدنا عنها تبقى الملاذ الوحيد لذكرياتنا بحلوها ومرّها…

كابي

(٣٣)

 

وصل حنا الى مكتب مدير المطبعة فوجد مساعدة المدير مشغولة باتصال هاتفي. انتظر حنا نهاية المكالمة الهاتفية ودنا منها سائلاً: هل أستطيع مقابلة المدير؟

– ما الأمر الذي ترغب في التحدث فيه مع المدير؟

– موضوع خاص.

– ليس هناك مواضيع خاصة بالنسبة الى المدير إذ عليّ أن أخبره بموضوع المقابلة قبل أن يوافقعليها. في الحقيقة أحسّ حنا بالوَجل فلم يستطع مفاتحة مساعدة المدير بالموضوع.

– بعد كلّ هذه السنوات لا زلت كما أنت يا حنا. كأنّك وصلت اليوم الى العاصمة. مشكلتك يا حنا أنّككنت ولا تزال تستخفّ بقدراتي. قلّ لي ما الموضوع ودَع الباقي عليّ.

– شرح حنا لمساعدة المدير الموقف بعد أن أخبرها بأنه سيبلغ سن التقاعد في أواخر الصيف المقبل.

– دع الأمر عليّ يا حنا فأنا سأتحدث مع المدير وأبلغك بالنتيجة.

– ولكن…

– ثِق بي ولو لمرة واحدة يا حنا.

-الاتكال على الله.

في صباح اليوم التالي رنّ الهاتف في المطبعة واستُدعي حنا على الفور. كان الاتصال من مكتب المديروسمع حنا من الطرف الآخر للمكالمة: إحضر حالاً. فوجئ حنا لدى وصوله الى مكتب المدير بأن الأخيركان في انتظاره.

-ادخل الى مكتب المدير يا حنا.

– عسى الأمر خيرًا.

– ادخل ولا تُضِع الوقت في التحدث إلي. قالت مساعدة المدير.

دخل حنا الى مكتب المدير متردّدا فالخبر اليقين الذي كان ينتظره سيحدد مصير دراسة بحر الجامعية.

-اجلس يا حنا وأخبرني عن ولدك الوحيد. ما اسمه؟

– بحر يا أستاذ.

– اسم جميل. ماذا يفعل بحر الآن؟

– هو يكمل عام دراسته الأخير في إحدى مدارس عاصمة محافظتنا.

– “إبنك شاطِر يا حنا”؟

– نعم يا استاذ وهو ينوي التخصص في الهندسة المدنية.

– في أي جامعة يريد أن يدرس الهندسة؟

التزم حنا الصمت ولم يُجِب.

-لم تسمع سؤالي يا حنا؟

– نعم يا استاذ سمعت سؤالك.

– ولِمَ الصمت؟

(يتبع)

***

*إن أحداث هذه الرواية وشخصياتها من نسج الخيال حتى ولو تشابهت الأماكن والأسماء.

 

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *