لولا راسبوتين لما كان هناك لينين
د. إيلي جرجي الياس
*الحلقة 36 من سلسلة القيادات الروسيّة والسوفياتيّة 1900-2022، رؤية تحليليّة واستراتيجيّة!!
يمكن اليوم الإشارة إلى علاقة ثلاثيّة الأبعاد بين كيرنسكي ولينين وراسبوتين، فبعد تفنيد وتحليل العلاقة العائليّة المثلى والمخفيّة بين ألكسندر كيرنسكي وفلاديمير لينين والتي تحكّمت بتبادل الأدوار والمسؤولية بين القائدين، يشرح كيرنسكي الدور المركزيّ للغريب الغامض غريغوري راسبوتين في إطلاق الثورة الروسيّة المجيدة…
غموض راسبوتين ليس مثله غموض في التاريخ الروسيّ الحديث والمُعاصر، وغرابة راسبوتين ليس مثلها غرابة… “حكايا روسيا وذكريات موسكو وأسرار الكرملين ملأى بمزيجٍ من الغموض والمفاجآت والقلق والحاجة إلى مجالٍ من التحليل والتعليل والتفنيد والمتابعة والمراجعة والتحقيق والتوثيق…
ليس على وجه الكرة الأرضية ما يثير غبار التساؤلات، والبحث عن الاستنتاجات، بقدر ألغاز روسيا، على امتداد التاريخ، منذ فجره، حتّى يومنا الحاضر!!
ولعلّ نهاية راسبوتين – وقصّة راسبوتين بأكملها – هي الأكثر غموضاً في هذا المجال… المعالج الروسيّ المميز، الفلّاح الداهية، المتجوّل في كلّ زمكانٍ روسيّ محتمل، الحاجّ المتطرّف إيماناً، بينما إيمانه خليط من المسيحية والصوفية والوثنية والسحر… صاحب التأثير المطلق على القيصر نيكولا الثاني وزوجته ألكساندرا فيودوروفنا، روح روسيا مطلع القرن العشرين، السياسيّ المحنّك وصاحب الرأي الحاسم، اللاعب على كافة التناقضات الموجودة في البلاط القيصريّ الروسيّ، الغريب في لباسه والعجيب في كلامه والغامض في تصرّفاته، صاحب الأمر والنهي بعد دخول روسيا مجال الحرب العالمية الأولى، فكلمته لدى العائلة القيصرية وقتذاك خصوصاً لا تردّ ولا تناقش… حتّى قال ألكسندر كيرنسكي: هل الفلاح الشيطاني دفع بروسيا نحو الثورة؟ لولا راسبوتين لما كان هناك لينين. راسبوتين علامة فارقة، وحالة استثنائية، في التاريخ الروسيّ الحديث والمُعاصر!!”
(من مقالتي العلمية: الكرملين، من القيصر وكيرنسكي وراسبوتين، إلى تروتسكي ولينين وستالين: سلسلة من الأسرار والأحداث والمفاجأت!!، الدراسات الأمنية، مجلة فصلية محكمة، تصدر عن الأمن، العدد 91، تموز 2022، ص 73، 74).
***
* د. إيلي جرجي الياس، كاتب، وباحث استراتيجيّ، وأستاذ جامعيّ.
