ضباب يبدّد الضباب
وفيق غريزي
منذ بداية التكوين كانت الأفعى
وكان السقوط
كانت النعجة وكان الذئب
كانت المدية وكانت الضحية
في البدء كانت سدوم
وكان فيها الفسق والمجون
وكانت الكلمة يشع منها النور
فوق السقوف وعلى الجبال والوديان
شعاعها يطوف.
***
على ضفاف الأنهر
ضباب يكشح الضباب
يردد الصدى
مبارك من يؤمن بدون أن يرى
طريقه مزينة بالشعائر والصلوات
بالبخور والنذور
يهدر عمره على اعتاب الفصول
يحمل وجهه ويمضي بين الظلال
تظلله الجبال البعيدة
تضيء دربه شمس جديدة.
***
بلادنا مرتع الضباع والذئاب
واللصوص الذين دنسوا المحراب
صيّروا الأرض يباب
من جراحي الثخينة يرشح الوقت
يتسرب بصمت، يتجمد
في خلايا الجسم يغرق
في خدر النهار يستفيق
حين يومض البريق
يجرف العشب الى محارق الدخان.
***
الوقت قرين الشجرة
تحت اهدابه تنام في الشتاء
يوقظها لتلمس الضياء
في الخريف تنتظر القطاف
السنابل ترقب منجل الحصاد
وحين تنقضي المواسم
يلقي عباءته عليها
يطمرها بالنعاس
يتوِّجها بهالة النسيان
من فوقها
ضباب يكشح الضباب …
ضباب متعدد الألوان
يغمر معابر الأنهار
انهار معرفة سر الكون والتكوين
كل الذين يعبرون يتركون خلفهم
تباشير اليقين
قصيدتي تلتقط من الطبيعة الحروف
تصير همسة
في عروق النار والجلنار
تقرأها حواري الماء
وعصافير النار.
***
وجهي شاحب
يزداد شحوبا مع الأيام
اراوح في ذات المكان
على ضفة الشعر
لا اعلم متى تلمع البروق
يتسرب ضوءها الى الورق
عبر الشقوق.
***
عيناي في الليل ترقب النجوم
في النهار أرى تفتح البراعم
بالحركة تنبض التخوم
رأيت عجوزين على مقعد يرقدان
بين لحظة ولحظة يستفيقان
قال: انت سنابل عمري
قال: انت يا حبيبي الحصاد
بين تضاريس جسديهما
تزهر الاقمار
تزغرد الأطيار
وحين يسدل الستار
تقدمهما الأرض قربانا للسماء
ضباب يكشح الضباب……