ترسيم وأعاجيب

Views: 252

خليل الخوري 

الديبلوماسي الأوروبي الغربي، عاشق لبنان، بادرني بإبداء إعجابه بما أسماه «الإجماع في الموقف اللبناني من ترسيم الحدود البحرية» ملاحظاً أنه منذ سنوات طويلة لم يحدث أن التقى عندكم الأضّداد على موقف واحد، حتى على المسائل العادية، فمن الضروري التنويه بهذه الإيجابية… وأضاف: لا أخفيك أنني كنت أضع يدي على قلبي وأنا أتابع مسار الترسيم، خصوصاً في الأسابيع الستة الأخيرة، خشية إقدامكم على خطوة ناقصة يمكن أن تترتب عليها أضرار فادحة، إلى أن جاءت الخاتمة سليمة وفي مصلحة لبنان.

صديقي الديبلوماسي العريق لم يفته أن يشير إلى «موجبات» تسريع التوصل إلى الاتفاق، ذاكراً بالتفصيل دورَي الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، مع التركيز على «عنصرَين فاعلَين هما الحرب الأوكرانية ومسيّرات حزب الله، والدفع نحو الاتفاق من جانب واشنطن وباريس»، ليزيد قائلًا لي: تعرف أنني لا أؤيد الرئيس ايمانويل ماكرون، ولكن يقتضي الإنصاف الإشارة إلى حراكه الكبير واتصالاته شبه اليومية مع بايدن ولابيد. واستدرك: صحيح أن لفرنسا مصلحة مباشرة في تحقيق الاتفاق (ملمحاً إلى شركة «توتال»)، ولكن ماكرون كان مهتماً من زاوية محض لبنانية كذلك.

وانتقلنا في الحديث إلى الاستحقاق الرئاسي الذي يبدو أن المهلة الدستورية قد تجاوزته «إلّا إذا حدثت اعجوبة، وهي لن تحدث».

وعلى الأثر انتابت الديبلوماسي نوبة من الضحك، ما استثار رغبتي في معرفة الموجب، فقال: أنتم بلد العجائب، ولا أقصد هنا مار شربل والقديسة رفقا، إنما من خلال اطلاعي على قرار الرئيس عون الانتقال من قصر الرئاسة في بعبدا إلى الرابية علمت أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أصدر تعميماً داخلياً صريحاً يحظّر على القاعدة اللجوء إلى أي تعرّض للموكب الرئاسي و… فقاطعته: وما موجب الغرق في الضحك في هذا الأمر؟ فأجابني: كنت قد اطّلعتُ على رواية حدثت عندكم، في أواخر ثمانينات القرن العشرين الماضي، عندما قرر المكتب الثاني وأنصار الرئيس فؤاد شهاب قطع الطريق على موكب للرئيس كميل شمعون في كسروان، وهو كان في جولة انتخابية هناك دعماً للائحة الحلف الثلاثي التي كانت معدومة الحظ بالنجاح  فكان أن «حصلت الأعجوبة»، واستدار تمثال السيدة مريم العذراء في حريصا اعتراضاً على التعرض لشمعون، واستدار معها الناخبون، ففازت اللائحة التي كان الأمل بالنجاح معدوماً فيها، وخسرت لائحة شهاب في عقر داره.

وعاد الديبلوماسي الغربي الصديق ليغرق في الضحك مجدّداً، قبل أن يختم قائلاً: «وأظن أن جعجع أذكى من أن يستدرج أعجوبةً لمصلحة الرئيس عون»…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *