دولة وإدارة وهيئة الإشراف

Views: 263

خليل الخوري  

ما نكتبه اليوم قد يجد فيه القارئ لزوم ما لا يلزم، ومع ذلك نرى ثمة ضرورة في الإضاءة على حال الإدارة اللبنانية الرسمية التي تجاوز الانحلالُ فيها الانهيارَ الشامل الذي تعانيه الدولة (بلا زغرة، أي دولة؟) في مؤسساتها كافة وقطاعاتها كلها. وفي تقديرنا إن دلّ ذلك على شيء فهو يدل على انحطاط هائل بعدما نخر الفساد القطاع العام الذي بات «النظيفون» فيه ضحية الفاسدين، وما أكثرهم. ومن دون أي تبرير نزعم أنه عندما يتحول الفساد الى عنوان عريض على مستوى البلد يمسي تحصيلاً حاصلاً أن تسقط مناعة الكثيرين من الموظفين فـ«يذهب الصالح بعزا الطالح»، كما يقول المَثَل السائر. أضف الى ذلك ان المرتّبات والتعويضات لم تكن لتفي بالقليل من تكاليف الحياة قبل انهيار الليرة، فكم بالحري اليوم؟!.

ولم نكن في حاجة الى المداهمات التي نفذتها شعبة المعلومات ومديرية امن الدولة في «مغارة النافعة» لنعرف أي بؤرة للارتكابات تعشّش في تلك المغارة. ومَن مِن اللبنانيين استطاع أن يتابع معاملته في «النافعة» من دون عناء وبعد ان… «يبخّر النحلة»؟

هذا الوجه الإداري القبيح يجعل من الشغور الرئاسي والعجز الحكومي الدستوري شديدَي الضرر على البلاد والعباد.

في زمنٍ مضى، عندما كان يتأخر تشكيل الحكومة بضعة أيام، كنا نقول: بحكومةٍ أو بلاها «ماشي الحال»، على اقتناع منّا أن ثمة إدارةً تسيّر الأمور فتمشي الحال. كان هذا زمن وجود دولة وإدارة في لبنان، أمًا اليوم «فلا من دي ولا من دا»…

إلا أن الإنصاف يقتضي الإشارة الى الواقع المزري، حيث يفتقد موظفو القطاع العام الى أدنى التجهيزات: فمن يصدق أن المجلس الدستوري ذاته بقي من دون التيار الكهربائي أياماً طويلة؟ ومًن يخطر له في بالٍ أن أعلى هيئة في لبنان (هيئة الإشراف على الانتخابات) مضى عليها نحو أربعة أشهر من دون الكهرباء، ما أدى الى تعذر إنجاز تقريرها العام المطلوب بموجب القانون حتى الان؟!. أصلاً نحن على ثقة أكيدة بأن المسؤولين أنشأوا هذه الهيئة المهمة فقط من باب رفع العتب ليس إلّا، لتبييض صفحتهم أمام الرأي العام الدولي لاسيما الأوروبي، ولم يعطوها الشخصية المعنوية… والسبب معروف، والمعنى في قلب الشاعر. وحال «الهيئة» تستوجب مقالاً بذاته، جرّاء معاناتها على غير صعيد. ولهذا البحث صلة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *