لونا قصير الروائيّة المميّزة..

Views: 1847

الدكتور مخايل مسعود

بين لونا قصير والرواية المعاصرة علائق قُربى، وصلة رحِم ومودّة خالصة، وعشق تطلب سهرًا وتضحيات.. إلى أن أثمر وقوفًا في وجه الأخطاء والخطايا.

ولونا قصير لم تكن جديدة في عالم الفنّ القصصيّ العميق الأغوار، المتلاطم الأمواج، والّلذي يحتوي، في عمق أعماقه على الدّر والياقوت..

إذ سبق أن دفعت إلى الميدان ببعض الأصائل المطهّمة، وكلّ أصيل منها يعضّ لجامه، ويضرب الأرض بحوافره طالباً الجري بكلّ عزّة وإباء…

 ولأنّ الساحة ضيّقة عندنا، راحت الأصائلُ تصهلُ في دنيا الله الواسعة، إلى أن سُمع صهيلها في الجزائر والمغرب والعراق، وفلسطين… حتى بلغت بلاد طاغور، ها هو الباحث  “سلمان الفاروقي” يعمل على تحضير دراسة دكتوراه في روايات لونا قصير، بجامعة كاليكوت ( كيرالا الهنديّة)

في رواية *أخطاء وخطايا* التي نحن بصدد الكلام عليها، لم تلتزم الكاتبة بالقوانين الأكاديمية المتزمّتة أحيانًا، فعناصر الفنّ القصصيّ، من زمان- ومكان- وعقدة- وحلّ- وأبطال وحوارات… أمور تجسّدت في الكاتبة الروائيّة المعاصرة التي التزمت قضايا الإنسان في وطنٍ يموت فيه الناس. وعليه، كانت لونا قصير صاحبة فكر نيّر ، خلاق، قصرت روايتها على الواقع المأزوم الذي نعيشه.

ككل كاتب مقلع كلمات وقاموس ألفاظ يعترف به.

وفي كثير من الأحيان، يسيطر الشاعر على جمهوره باللفظ المنمّق، والاسلوب الذي يعجب المراهقين؛ فعندما قال نزار:

“فصّلت من جلد النساء عباءةً

وبنيت أهرامًا من الحَلَمات…”

صفّقت النعاج للذئب المتسلّط بذكوريّة تعوّدنها وقبلنَ بها…

أمّا الكاتبة الرصينة المفكّرة، فقد اقتطعت حجارة روايتها من مقلع الواقع الذي نحن فيه.

ففي المقدمة، مشهد الشجرة المعمّرة- القصر المهجور- ضعف الجنس البشري، وفتاة في زورق وسط البحر، تجذّف بكلّ قوّتها لتصل إلى برّ الأمان، بعد أن أضاعت البوصلة..

والدولة المنارة أين هي:

والجواب:

إذا صارت المنارة- الدولة شَركًا فما حال الفتاة- بلادي- في وسط الأمواج وما مصيرها؟

رواية لونا قصير سبحة للصلاة والتسبيح، في كل حبّة من حبّاتها، محطة للفكر والعقل الواعي، فسبّح معي بهدوء، وحافظ على خيط الحرير:

الرابع من آب 2020، بيروت حزينة حتى الموت.

لبنان- لقد أصبح الموت سيّد الحياة.

العالم يفتقد إلى المحبّة.

أن تكون حيًّا ميتًا أشّد ألمًا من الموت.

في الفراق يموت جزء منّا ويتلاشى.

أجزاء من القلب تموت.

جرح عميق في قلوب اللبنانيّين.

عروس تموت يوم عرسها- عرس انتقل إلى السماء.

ويأتي القول الفاصل:

لا نستطيع أن نغيّر الأسباب، لكنّها، مع مرور الزمن تغيّرنا.

*ولا يغيّر الله في قوم، حتّى يغيّروا ما في أنفسهم..*

لونا قصير روايتك قيّمة، ومستقبلك واعد، وأطلب من الله أن تكون روايتك التالية بعنوان:

نفق الفاسدون، السارقون، الناهبون في بلادي..

لعنة الله عليهم..

ننتظر منك الكثير الكثير

يا صديقتي لونا

***

*ألقيت في مناقشة رواية *أخطاء وخطايا*  الصادرة عن دار فواصل في رابطة الجامعيين في الشمال- طرابلس.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *