وَشمٌ صَباحِيٌّ (132)

Views: 301

د. يوسف عيد

(طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون)

عظة الجبل:

باكرتُ حديقتي، بعد أن استدرجَني إليها صوتٌ عذبٌ رَنّ في أعماقي.

صوتٌ ليس من جوقات العصافيرِ الجالسةِ الى مائدتي .

صوتٌ يَحفِر في صَدى مناخي، حتى جعلَ أذُنيَّ غَسيلةً بعِماد صفائِه، وقد مَحَا أصواتاً أخرى كانت تتغلّبُ عليه، وكان يُلحّ عليَّ ، ولا يتوقفُ عن الإنشادِ السّاحرِ من دون سأم .

إنّه صوتُ السّلام في زمن القيامة، يدعو الى تبَنّي المحبّةَ، وَنبذِ الأحقادِ ، وصفاوةِ النيّاتِ والصّدور .

صوتٌ يدعو الإنسانَ الى ملاقاةِ أخيه الإنسان ، (قولوا لهم : السلام لكم فإن كانوا أهلاً،  نالوا نعمةَ المحبة، وكانوا من أبنائي،  وإلاّ يعود إليكم ).

صوتٌ يزرع المحبّةَ بين البشر، فلا طوائفَ ولا أحزابَ ولا مذاهبَ تقف دونَه.

إنه صوتُ الربّ العَذبَ ، صوتُ الضّمير الذي لا تُشبِهُ موسيقاه أيَّ صوتٍ مُعَندلٍ أو أيَّ  صوتٍ ملائكي ، خَصَّه الربُّ بالإنسان فقط .

طوبى لكم أحبائي إذا سَمعتُم هذا الصّوتَ الآتي من فَم الله ، فإنّكم تستحقّونَ  البُنوَّةَ والطّوبى .

صوتٌ مَلَكني فأنساني حاليَ المألومةَ لما وصلنا إليه في وطني المعذّب. وجَعلني طليقًا حُرّا في انتمائي إلى الإنسان في كلّ مكان،  أفرحُ لفرحه وأحزَنُ لحُزنه، هذا الصوتُ أفرَحني وأسعدَ قلبي بأخوّةٍ لم أشعر بها قبلاً ، أخوَّةِ الإنسان بالمطلق .

نسألُك إلهي أن تُنمِيَ رجاءَ السّلامِ في القلوب ليسمَعوا الصوتَ الذي استدرجني إلى دنيا الطّوبى.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *