وَشمٌ صَباحِيٌّ (138)

Views: 360

د. يوسف عيد

 

من خواطر  ( زمن الصوم)

 

كنت أتردد في أن أكتب سطرًا حول أمر لا أمارسه، وهذا ليس من عادتي، لكنّ ما جرى ويجري في وطني دفعني إلى تخطّي الحظر الشخصي، لأعبّر بسطور قليلة عن وجعي الباطني:

في زمن الصوم، يصوم المؤمن عن المأكل لإماتة الجسد، وعن اللّذة لإماتة الشهوة، وعن الكلام لإماتة الثرثرة، وعن الكبرياء والكذب، والحقد والكراهية لإماتة الشرّ والنزق والبغض …..

ويصوم البعض لأغراض أخرى . وفي هذا الزمن نعيش آحاد العجائب، جملة أعاجيز استلزمها جملة أعاجيب. ولبناننا في هذا الزمن يشبه الأعاجيز ويحتاج الأعاجيب. فالكاذب ازداد كذبه، والتاجر ازداد فحشه، والسارق ازدادت حِيلُه، والمهرّج ازدادت كراكوزيّتُه، والخابثُ أفشى خبثَه، وبات هؤلاء القوم من أهل الفِرّيسيين والكتبة والمرائين، ويتحدثون عن الصلاح والإصلاح، والعفّة والطهارة، والسياسة النبيلة وغيرها من الشعارات كالماء الساخن. ( فإذا صُمتم إغسلوا وجوهَكم لئلا يعرفُ الناسُ أنكم صائمون). والمعنى برأيي، أنّ الصومَ يَنبعُ من القلب، من الإحساس بحاجة إلى الفضيلة، من القناعة الإنسانيّة لعوز  التجذّر السماوي.

أقول  قولي واستغفر ربي.هؤلاء الرعاع السياسيون أوبأوا لبنان اليوم، فأضحى الأبرص، والنازف، والشاطر، والمخلّع، والأعمى . وهو بحاجة الى أعاجيب تنقذه من هذه الأوبئة الأكثر فتكًا من موازنة السلطة، وغيرها. نعم، نحن بحاجة الى تدخّل إلهي لإنقاذنا.  فيا رب إني أثق وأؤمن بقدرتك على شفائنا. أنت المخلّص، ولا تسأل من لمسني؟ فاللبنانيون جميعُهم يحاولون لمسَكَ والتِماسَكَ، لتكون الخلاص. ألستَ أنت القائل: إيمانك خلّصك.

الصورة من The Economist
Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *