دعاءٌ ورجاء في يوم الحصاد

Views: 210

سحر نبيه حيدر

حين تسحب السنوات أرصدتها من أيامنا ويبدأ قمر العمر بالأفول، وتتنصل سنيّ حياتنا من مهامها، حينها يبدأ العدّ العكسي…

واجبات قد تكون أنجزت وباقيات تنتظر لربما إلى أجلٍ غير محدد.

 إلا أنّ الأهمّ، ذاك الذي يعتقد الأغلبية العظمى من الأهل أنه الهدف الأسمى، وإن جاز القول الرئيس في حياتهم والهدف الأرقى” هو اللبنة الأولى في مدماك مستقبل ابنائهم بعد رحلةٍ قد تكون طالت بعد أن رمت أثقالها من دون رحمة فوق نحالة أكتاف ما اشتكت يوماً من التعب. تعليم الأولاد وتزويدهم بذخيرة عمرٍ قد يكون مجهولاً أو أقلّه غير واضح المعالم…

حانت لحظة الصفر…

وها آخر أنفاس العدّ العكسيّ تشيح بوجهها عنا لينجلي وجه الأمل الجديد أمام من يقف اليوم على مفترق طريق الحياة، أو كما يحسبه البعض أول درجةٍ على السلّم…

قد تكون أياماً، ساعات أو حتى ثواني تفصل ذاك الذي جد وتعب وانكب على التهام الكتب وما شاءته الخيارات من صعابٍ أن يمسك أخيراً بتلك الورقة/ الإفادة، الدليل الأول على اجتيازه كلّ المسافات أو بعضها بصمود، أو قد لا يكون قد تعب فعلياً في إنجاز ما وجب إنجازه إنما قد تكون يد الأقدار أو سلطة الأب أو نفوذ الأم قد ساهم في حياكة خطوط الورقة / الشهادة لفتح بوابة الغد المبهم..

ليس تشاؤماً أو تفاؤلاً أو تهكماً أو حتى انتصار…

إنها بعض مشاعر تراودني نفسي مشاركتها مع من عبّدوا الطريق من قبلي أو رافقوا مسيرتي على درب الجلجلة علّني بها أكافىء نفسي على أمورٍ يرتأيها المجتمع، وتعتبرها المدونات الأسريّة واجباً حتمياً على الأهل ممارسته،  لتحصين ما قد لا ينفع تحصينه – إن غاب الهدف الحقيقي وطمست المصالح وسوداوية الرؤى معالمه-  أو قد تكون رسوماً لم يقدّر للبعض أن يحياها فوهبها على مضض لمن يعتبره أستمرارية وجوده،  وقد تكون – وهي حال أكثرية قارعتها-  حباً، تفانياً، إنبثاق فجر جديد لأحلام هي الأبرز في حياة من اختاروا الأهليّة الحقيقيّة شعاراً لا يرضون دونه وساماً يخلّد محبتهم ويرتضون من بعده الموت لا إعتراض…

مشاعر قد لا تكون وافيّة أو قد تحمل معنى الشكر أو ربما الرضا إنما هي إرهاصات تدغدغ قلبي وتروي بعضاً من ظمأ أنسانيه الوقت حتى فرغت جراري إلا من ريحه… محبة سكبتها من دون احتساب الوقت ونسيتها فوق بيادر الغدّ فتراءت لي سنابلها قمحاً غمر الخوف بوفرته، واقتلع جذور الوهن من عظامي، ونسيت الوقت الذي مضى…

أدركت معها أننا نحن، حراس الهيكل، لسنا سوى جسر عبور لمن أحببناهم ويداً تحمي، تزرع، تروي، تساند وترفع البنيان غير مكترثة بالهزات التي تأبى إلا أن تتكاثر مع إرتدادات الهزات المتتالية في هذا الوطن…

أيا رجال الغدّ، ويا بنات المستقبل، في يوم الحصاد دعاءٌ ورجاء، مباركةٌ خطواتكم ومشرقة أيامكم وأملنا بكم لن يخيب، ما دمتم قد ارتويتم من صدق المحبة وعجنتكم إرادة الإنسان على البقاء للتغلّب على ثقافة الإلغاء…

طوبى للساعين إلى الغدّ باندفاع وهنيئاً لمن وعى الإنزلاقات فتمسّك بالقيّم درعاً، وألف زهرة حبٍ لمن زيت قناديلهم انسكب نوراً حتى أضحت صورة الختام في سجلاته مسكاً ريحه تذهب بالعقول وإنسه يحمل صفوة وجوده لتغفو في حضن الأبدية.

  ———————–

*سحر نبيه حيدر- بعبدا في 26 حزيران 2014- تحية إلى كلّ أم وأب ذابوا في سبيل ارتقاء أبنائهم.  (على هامش حفل تخرّج ولدي ريان مظلوم ليسانس إدارة الأعمال من الجامعة الأنطونيّة في 27 حزيران 2014 )

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *