أنّكِ الذهب… في ديوان “ما يلزم من ذهب لروحي” لربى سابا حبيب

Views: 419

د. عماد يونس فغالي

د. ربى شاعرةُ الدفقِ والحنين، في صفحاتها شعرٌ وشعر، على امتداد ديوانٍ خزنته “ما يلزم من ذهبٍ…” لروحها…

يخرُج الكتابُ بحُلّةٍ بيضاء، تزيّنها صورةٌ من ذهبيّةِ طلّتها، تعكسُ، لا ما يلزمُ، بل ما تدفق من ذهبٍ لروحنا…

وفي العنوان، ومنذُه، ما يلزم لتعرف، يا قارئ، مَن شاعرةُ الديوان، من ربى، ومن أيّ ربىً حطّتْ فينا، ما يلزم من ذهبٍ لحسّنا الشعريّ، لذوقنا الحلاوة، لنسكنا الإنسانيّ.

لنسكنا، نعم… فنحن في “ما يلزم من ذهبٍ لروحي”، نقف في صومعةٍ صوفيّةِ الوحي من حبٍّ وجمال. لكأنّنا في هيكلٍ بيزنطيّ، مطليٍّ بذهب الروح، تحلو فيه عبادةُ الكونيّ… د. ربى، إيقونوستازٌ ديوانكِ، عذراؤه أنتِ أيقونةً يخشع أمامها الحبيبُ الضائع في بخورٍ تعبقين فيه عُشقَ وطنٍ وإله…

ما يلزم من حبٍّ لأوراقكِ، لشعركِ، لقلبكِ، كلّ القصائد تهتفه… حبيبُكِ كلّ سطرٍ، كلّ كلمة تحاكيه، تناجيه… أيّ حبيبٍ هو، وفي كلّ نصٍّ يختلف، يتغيّر… ما يشترُكُ فيه حبيبُكِ هذا، هو أنتِ، قلبُكِ المالئ حبًّا عابرًا الشخصَ، إلى الإنسان، كلِّه… عاشقةٌ ميثولوجيّة في سياق،

“أنا… عشتروت الأسطورة،

أرجوان الشواطئ

تراني كالفينيق المتولّد”

وطنيّة في آخر،

“كي يمتلئ بأحبّائي فضاءُ لبنان

ما يلزم من أشجار أرز”.

امرأةٌ في أحيان تَنشد أمومةً،

“حلمنا سويّةً بابنٍ”…

لكنّكِ غالبًا امرأة غير محدّدة، غير محصورة بواحدة، بجسد:

“ولم أعُد امرأةً واحدة…

صرتُ النساء…

وأنا حنين النساء…”

لكنّ الحبّ في مفهومكِ وحدةٌ، التصاق. تماهٍ، فتقولين:

“أدنيتُكَ منّي، أدنيتني منكَ

ظننتُ أنّكَ أنّي…”

“من شدّة عطشي

شربتُكَ شربتَني”…

“أغنّي أناكَ

وأناي بعدكَ…”

وفي هويّةٍ لم تفارق حالكِ يومًا، ربى سابا حبيب، شاعرةُ الزيتون. زخرفٌ أساس في قصيدة الديوان، يحلو لها أن تكونها، أن تشكّلَ حالتها العاشقة مادّةَ هُيام.

“في يدي تفاحةٌ وزيتون أبي”.

“تمايلت صوبي أغصان الزيتون”.

وفي عودٍ إلى “ما يلزم…” ضمّنتِ الديوان قصيدتين اثنتين بعنوانٍ واحد اقتبستِه من عنوان الديوان: “ما يلزم”، عناقَ وحدةِ روحكِ وفكركِ المدوّن آيةً شعريّة، تحدّد كينونتكِ في أنثويّة طابعة الجمالَ فيها:

“ما يلزم من أحلامٍ سعيدة… من أمومة رحبة… من فضاءٍ… من ربيع… من مسافاتٍ جمّة…” تحتاجها كلَّها لتطلقَ نشيدَها الهاتف خصالاً تشدّ إلى فوق، إلى عالم الأنوار.

“ما يلزم من ذهب لروحي”، قلتِ شاعرتي، لتضفي على مملكةٍ الشعر، أنتٍ سيّدتها، مُرسلتَكِ الحبّ المطلق، لأجلِ ما يلزم من ذهبٍ لإنسانٍ من طينتكِ يملأ الرحُبَ حضورًا طيّبًا وفاعلاً.

د. ربى، شكرًا لأنّكِ الذهب الذي يلزم لروحنا، لروح العالم التائه، التائق إلى علُ!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *