إلى الرئيس الفرنسي!

Views: 806

  د. جهاد نعمان

  ( أستاذ في جامعات فرنسا سابقًا)

 أيها الرئيس الحبيب،

 كان الاتفاق ان تقابل زعماء دولتنا الكرتونيّة بعد ان يأخذوا في غيابك، غفوة  راحة غير مستحقّة

 طال الليل ، فطالت الغفوة، ولم  تُلغِ أنتَ المقابلة الجديدة.

 كان الاتفاق ان يحققوا اصلاحاتٍ وتغييرًا فلم  يحصل شيء من هذا .

 اتفاقكم تبيّن على جهود يبذلونها في سبيل الحياة والأحياء والشهداء، فجاءت النتيجة موتًا ومزيدًا من الفساد والارتهان.

حدّدتم أول أيلول موعدًا للتلاقي مجدّدًا، فصار، كما توقعنا، موعدًا لاستجلاء مزيد من التفرقة والفوضى والدمار .

  د. جهاد نعمان

 

هل ننتظرك صبيحة الأول من أيلول لنجد معك احلامنا جثّة هامدة؟

 أنتظرناك ، ونحن من هواة لقاء الأحبة و « أمنا الحنون» لكن دائرة العبث والغموض اتّسعت، وعلى غفلة منا ولربما منك، تفاقم تشاؤمنا وتبخّر الأمل ليفسح المجال ربما حصرًا  للرجاء.

 وطننا جسد مُنتزع من دائرة الحياة ولمّا يزل..

ودّعناك، فكنتَ في وداعك صادقًا، فانهمكنا بالدموع، وتطايرت القلوب خفقات متسارعة وتصالبت العروق تعتصر بنبضاتها.

 هكذا عندما يكبر الحدث تضيق الكلمة عن اتساعه فنقرأه في القلب ونراه في العيون ونتوسّل الذاكرة ذخر معلومات وينبوع حنين.

أيها الرئيس الهمام،

كان المرام أكبر من الجسد، وكانت الهمة لدينا قعساء قوية فتقاعس القلب المنهك عن حملها.

أدركتَ الضعف في جسدنا، فـتألمت صامتًا، ووعيت القوة الانسانيّة في روح شرفائنا العقلاء ففرحت ناطقًا.

ما ضعفت بضعف الجسد ، انما قويتَ بقوة الروح، فكان لك تعزية ولو عبر أناس لا رأي لهم لافتقارهم الى قوة القرار.

أبلغك الناس مكامن الضعف، فلم تنثنِ ، ولم تتراجع وما استلان لك عزمٌ في الغمار.

روحك معمرة بالايمان، استطالت شموخًا، اشرأبت فوق أي نوع من أنواع الضعف ، فما رأيناك الاّ متدفق الحياة، ولم  تبالِ بالموت بسبب الوباء او سواه.

ابتسامتك ، شفافية انسانيتك، بقيت صافية عريضة على وجهك المشرق، تطالعنا بها كل حين، فقطفناها شلالَ فرح وأهازيج عسى ان نستقوي بها ، فنغلب المصاعب ، ونصدّ النوائب.

الشعاع الوهّاج، ظلّ مسكوبًا من عينيكَ ليضيء دنيانا ويمحو عتمات دربنا الطويل.

سطوعك المدوّي نستنير به، ولهذا ارتفعت فوق الصخب والضجيج، فدخلتْ هالة النور بلا انكسار، من وجنتيك تدفّق الضوء بلا حدود.

كان ذلك التواضع كما الجذر للشجر يتعمق في الأرض فيتوطّد ويوطّد.

وحدَها ابتسامتك شأنها ان تقتل اكبر مجرم، وحدّها محبتك تردي، وحدّه تواضعك هو المنتصر.. ابتسامتك تقتل الذئاب الغادرة ومحبتك تردي الجبناء.

تواضعك يقتل ضعتهم، ويبدّد جموح الغطرسة والمتغطرسين.

لغتك طاقة، فيها تغدو الكلمة ارضًا مشتعلة بالخصوبة.

تعّودتَ ان تقرأ  أبجدية القيم والمواقف فهجرتَ لغة الوعظ الأجوف..  انت مثابر ، انت  ممارس، لذا، انك ستعود الينا!

نأمل بان تتجلى رسوليتك حياة تمارس نفسها وتنمو في طريق اشواكنا وتنتصر. لن تعطّل سيرتك حجارة  مبعثرة على الطريق وان هي انتصبت مجتمعة أمامك لغايات في نفس يعقوب!

أيها الرئيس الشاب.

لتقلعْ النفوس الضعيفة عندنا عن ماض فظّ وحاضر متهالك شدا بخناقها، فيتجدّد انساننا ويطلّ على مستقبل جديد!

الا اقتلعْ معنا، ايها الرئيس الطيّب، النفوس الضعيفة التي باتت حطبة هرمة بزتها الرمال وغمرتها الأوحال لتستحيل ازهارَ ربيع  تذيع شذاها.

لقد كثر الصيارفة والسماسرة وما عليكَ إلاّ ان تحمل السياط.

وبعد،  حضرة الرئيس،

اذا كان بعض ناسنا مشروعَ موت، فانّ الشرفاء العقلاء هم مشروع حياة وقيامة.

نطلب اليك، ان تجعل من وطننا المعذّب على غير طائل، هو ابناؤه اولاً، من غير ان تصنعه «دولة» او شبه دولة من فوق ! نعوِّل على حكمتك وتاريخ امتك المجيد!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *