عكار الحرمان: خريطة طريق للعبور إلى التنمية المُستدامة

Views: 38

في إطار التصدّي لقضايا ذات بُعد مطلبي، نظَّم “مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية”، بالتعاون مع “مركز عكار للدراسات والتنمية المُستدامة”، وبالشراكة مع مؤسسة ( Hanns Seidel) الألمانية، ورشة تفكير ونقاش، بعنوان:”عكار الحرمان: خريطة طريق للعبور إلى التنمية المُستدامة”، على مدى يومي 21 و22 أيار 2021، وذلك في قاعة محاضرات أوتيل الصياد- بينو (عكار).

كانت جلسةٌ إفتتاحية، تعاقب  على الكلام فيها د. مصطفى الحلوة، منسق عام “مركز عكار”، ود. أدونيس العكره، رئيس “مركز تموز”، والسيد كريستوف دوفارتس، المسؤول الإقليمي لمؤسسة “هانز زايدل”، والسيد طوني غريِّب، مندوب هذه المؤسسة في لبنان.

أعقب الجلسة الافتتاحية ست جلسات عمل، قاربت العناوين الآتية: العلاقة الجدلية بين التنمية المُستدامة والتربية على المواطنة/ البيئة الزراعية والثروة المائية في عكار كعنصر أوّل في العملية التنموية/ في جدل البنية التربوية والتنمية البشرية المُستدامة/ في أداء البنى التحتية والمرافق الخدمية في عكار: معوّقات ومقترحات حلول/ البيئة والسياحة البيئية كنز عكار الأخضر/ الثقافة في عكار كقيمة مُضافة في العملية التنموية. وقد اندرجت مداخلتان، تحت كل واحد من هذه العناوين، وكانت الحصيلة إثنتي عشرة مداخلة/ دراسة، لباحثين مُتخصِّصين في مجالات مُتعدِّدة، جُلُّهم من أبناء محافظة عكار، يعرفون مكامن الوجع فيها،ولهم باعٌ طويل في نُصرة قضاياها.

علمًا أن الورشة تميّزت بحضور واسع ونوعي، لفاعليات عكارية ومن خارج عكار، من اجتماعية واقتصادية وزراعية وتربوية وثقافية. وقد كان حوارٌ تفاعلي خلاّق، نمَّ عن استعداد لحمل ما سوف ينتج عن الورشة من توصيات.

 

أولاً- في جدل المواطنة والتنمية:

جُملةٌ من الأسئلة والخُلاصات حكمت مسار مختلف المداخلات، كما التعقيبات، التي أُدلي بها، مُندرجةً تحت الآتي:

أين الإنماء المناطقي المتوازن، الذي جاءت به “وثيقة الوفاق الوطني اللبناني” (اتفاق الطائف)، وأين نصيبُ عكار من هذا الإنماء  الموعود،الذي لم يعرف إليها سبيلاً؟

الدستور اللبناني، وإنْ لم ينص بشكل صريح على التنمية المُستدامة، فلبنان يلتزمُها، من خلال موافقته وتوقيعه على مواثيق الأمم المتحدة، ذات الصلة.

لا تنمية مُستدامة، خارج إطار الانتماء المواطني، وتسليك المواطنة، أي جعلها سلوكًا وممارسةً يوميين.

المواطنة، تكوينًا وسلوكًا، تُضاد مختلف الانتماءات الجهوية الضيقة، من طائفية ومذهبية ومناطقية، التي تقف حجر عثرةٍ في وجه أية عملية تنموية.

المواطنية تعني، فيما تعني، تكريس إرادة العيش معًا، في ظل دولة الحقوق والواجبات، ووضع التنوّعات في خدمة المشتركات، وفي اعتناق قيم الحرية والمساواة، والتضامن، والحسّ المدني(Civisme)، والخُلقية المدنية (civilité)

من دون التربية على الديمقراطية- وهي أحد العناصر الجوهرية للمواطنة- يغدو المواطنون مجرّد رعايا أو أفراد، خارج الحياة الاجتماعية وخارج أي شأن، يمسّ مصالحهم ومستقبلهم، كما مستقبل الأجيال.

ثانيًا- واقع محافظة عكار/ في نقاط القوة وإمكانات النهوض

محافظة عكار لها، من تنوّع مكوّناتها الروحية، ما يجعلها نموذجًا يُقتدى في العيش المشترك، بما يُعزِّز اللُّحمة الوطنية بين أبنائها.

إن العكاريين يتشبثون بلبنان وطنًا لهم، حتى الرمق الأخير، ويُراهنون على أُبوّتِهِ، وإنْ أنكر أبوَّته لهم وحقّ البنوّة عليه.

تختزن محافظة عكار موارد طبيعية مُتعدِّدة ومُتنوّعة، لا تحظى بها أية منطقة من لبنان، إلى طاقاتٍ بشرية (مجتمع فتيّ بامتياز)، تكفل انتقالها إلى وضع سليم، فيما لو أُتيح لها استغلال هذه الموارد وتوظيف الطاقات في مكانها الصحيح.

محافظة عكار ، التي تشغل 7،8% من مساحة لبنان (حوالي 800 كلم2)، تمتدّ بين ساحل، يصل حتى الحدود السورية شمالاً، وبين وسطٍ ومنطقة جرديّة، إلى سهلين، أحدهما يُحاذي الشاطئ والثاني في أعالي الجرد (سهلة القموعة). وهذا ما يجعل المنطقة حاوية لكل أنواع المزروعات والأشجار المثمرة والغابات. علمًا أن عدد سكان المحافظة، وفق آخر إحصاء ، يبلغ 654 ألف، عدا النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.

تفصيلاً، فقد منحت الطبيعة عكار: أربعة أنهر، تلف المنطقة من أقصاها إلى أقصاها/ أحواض مائية جوفية، طبيعية هي الأكبر في لبنان/ غابات دهرية مُتعدِّدة (غابة العُذر في القموعة)/ شلالات مياه/ وديان سحيقة (وادي جهنم بين عكار والضنية).. كل أولئك يجعل من عكار منطقة زراعية شاسعة، تمثل 12% من الأراضي الزراعية في كل لبنان، بحيث يعتاش 23% من العكاريين من عطاءات الزراعة.

تحفل محافظة عكار بأُطُر تنظيمية جامعة، في مجالات مُتعدِّدة، وتمثيلاً لا حصرًا، فعلى صعيد الجمعيات التعاونية زراعيًا، ثمة توجُّهٌ حثيث لقيام المزيد من اتحادات تعاونية.

وجود بنى تحتية قابلة للتشغيل، وتوفير آلاف فرص العمل، فيما لو أُحسن تعاطي الدولة بإيجابية مع هذه البنى. وفي رأس ذلك ، مطار الرئيس الشهيد رينيه معوّض (القليعات).

قابلية المنطقة، لإنتاج طاقة نظيفة وغير مكلفة، عبر مساقط المياه والأنهار، وعبر الرياح، وهي نقطة قوة أساسية طبيعية، تنفرد بها عكار من دون سائر المناطق.

ثالثًا- في نقاط الضعف ومعوِّقات التنمية المستدامة

محافظة عكار المستحدثة، وفق التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة وسائر المرجعيات الدولية والمحلية، قديمها وحديثها، هي من أكثر المناطق في لبنان فقرًا ومعاناةً. علمًا أن نسبة الجهل والتسرب المدرسي هي الأعلى في لبنان، مما يجعل عكار والحرمان توأمين سياميين.

ما زال وضع عكار إداريًا مُلتبسًا بين محافظة لها كيانها الخاص وبين تبعيتها لمحافظة الشمال، إذْ لم تتواجد فيها، حتى تاريخه، كل المؤسسات الرسمية التي يكتمل بها عَقْدُ المحافظة الناجزة.

النمو السكاني المطّرد في عكار- نسبته 3،8% – هو من أعلى المعدّلات في لبنان، مما يجعل الموارد على خلافها، وفي وضعها المتردي، غير قادرة على مواكبة إيقاع هذا النمو السكاني، لا سيما على صعيد المياه والكهرباء والطرق والصحة، وسائر المرافق الخدمية.

افتقار المنطقة إلى فرص العمل، وليبقى السلك العسكري الموئل الوحيد للشباب العكاري (18% من عديد الجيش اللبناني من أبناء عكار). وكأن عكار منذورةٌ لهذا القطاع الوطني، رُغم أهمية الرسالة التي يؤديها العكاريون في الدفاع عن الوطن، ولا تلقى المنطقة لقاء ذلك، ما تستحق من رعاية واهتمام.

تجذُّر ثقافة انتهاك القوانين والاعتداء على الطبيعة والمجال العام، من تجفيف للينابيع جرّاء  حفر الآبار، بطريقة عشوائية، إلى تلويث المياه الجوفية، وتحويل الأنهار إلى مجارٍ كبيرة للصرف الصحي، وقطع الغابات وجعلها طُعمةً للمشاحر، الاعتداء المتمادي على “محمية” القموعة ، والبناء العشوائي (أغلبية مباني عكار غير مرخّصة)، إلى التلوث الخطير الناجم عن مكبّات النفايات والمطامر، التي لا تُراعي معايير الصحة العامة.

عن البنى التحتية وأدائها، حدِّث ولا حرج: لا تحديث في  قطاع الكهرباء لشبكات النقل ومحطات التحويل/ شبكات الصرف الصحي وقنوات تصريف المياه المبتذلة لا تُغطّي المنطقة بكاملها/ نقص فادح في القطاع الصحي، إذْ ثمة مستشفى حكومي واحد (مستشفى عبد الله الراسي)، مطلوب منه تغطية بضع مئات من الآلاف، من لبنانيين ونازحين سوريين ولاجئين فلسطينيين/ الافتقار إلى أوتوسترادات وطرق عامة مؤهلة تأهيلاً ملائمًا، وبالحدود الدنيا/ الافتقار إلى طرق زراعية في السهل، تُسهِّل العملية الزراعية  ورعاية الأراضي ونقل الإنتاج/ اختناق السير، مما يُشكّل أزمة دائمة، تنعكس بشكل سلبي على عملية الإنتاج وعلى تنقل المواطنين، من وإلى عكار.

رابعًا- في المقترحات والتوصيات

أ- في الإطار العام:

التحدّي الذي تواجهه محافظة عكار، في مختلف المجالات، يستدعي تجنيد كل الطاقات البشرية العكارية، عبورًا إلى الخلاص المنشود، وطيّ سجل واقعها شديد التردّي.

إن تفعيل دور المواطن العكاري، في مواجهة قضاياه، لن تكون إلاّ بتكريس العلاقة الجدلية بين ممارسة مواطنيتِهِ والتنمية الشاملة والمُستدامة.

تكريس الحراك المطلبي الميداني، من خلال “لجان متابعة”، تنبثق عن أعمال الورشة، كواحدٍ من أساليب التحرك الديمقراطي المطلبي المجدي والمشروع.

العمل على تفعيل موارد عكار البشرية والمادية، عبر تحديث آليات العمل وأدواته، والإفادة من الثورة الرقمية الرابعة، على جميع الصُعُد. وفي عِداد ذلك، إنشاء مركز بيانات موحدّ ( Data center)، يحتوي على بيانات لمختلف المواضيع الجغرافية والجيولوجية والبيئية والمائية، وسوى ذلك من مواضيع.

ب- في المجال الزراعي والثروة المائية

دعوة وزارة الزراعة،الغائبة عن السمع، ومن ورائها الدولة، إلى القيام بدورهما في حماية الإنتاج الزراعي في عكار- وفي لبنان استطرادًا- وذلك عبر دعم المزارعين بالأدوية الزراعية والأسمدة والبذور والأعلاف، فلا يبقى المزارع ضحية إنهيار العملة الوطنية، ورهين جشع التجار والسماسرة.

دعم وزارة الزراعة التعاونيات الزراعية، على خلافها، وتشجيع قيام اتحادات تعاونية، على غرار ما هو جارٍ في بعض البلدات العكارية (تعاونيات النحل/ تعاونيات التفاح..).

الضرب بيد من حديد على منتهكي الطبيعة، من قطع لأشجار الغابات الدهرية، وإفتعال الحرائق (مشاحر الفحم)، ورعي جائر، وقطع للأزهار الرحيقيّة عشوائيًا، وتلويث للأنهار والمياه الجوفية بالصرف الصحي.

وإلى دور لوزارة الزراعة ووزارة الداخلية ووزارة الطاقة والمياه، في هذا المجال، ثمة دورٌ أساسي للبلديات واتحاداتها، من منطلق كونها سلطة محلية.

تحويل “محمية القموعة” إلى محمية حقيقية لا صُورية، وإزالة كل التعدّيات الخطيرة القائمة في محيطها وعلى تماسٍ معها، مما يُفقدها عُذريتها الطبيعية، ويُشكل مخاطر جمّة: بيئيًا وثروة مائية.

مباشرة “مركز تجميع الحليب” القيام بدوره، والذي ناهزت كلفته مليون ونصف مليون دولار أميركي، وهو لم يقم بهذا الدور حتى تاريخه.

استحداث “غرفة الصناعة والزراعة والتجارة” في محافظة عكار، مما يُساعد على تصدير الإنتاج العكاري، على خلافه. علمًا أن مساعي قد بُذلت، في هذا السبيل، تجاه المرجعيات الرسمية، باءت جميعها بالفشل.

دعوة فاعليات محافظة عكار الزراعية والتجارية والصناعية للخروج إلى العالم الرقمي، في عملية تصدير الإنتاج العكاري، عبر منصّات رقمية.

ج- في مجال البنى التحتية والمرافق الخدمية

ممارسة كل أشكال التحرك والضغوطات لتشغيل مطار الرئيس الشهيد رينيه معوّض (مطار القليعات)، فتشغيله يُوفر بضعة آلاف من فرص العمل للعكاريين ولعموم الشمال . ناهيك عن دوره في تخفيف الضغط عن مطار رفيق الحريري الدولي. علمًا أن هذا المطار يتمتع بكل المواصفات المطلوبة (مساحته 5،5 مليون م2- مدرّج للإقلاع والهبوط بطول 3200م، مدرج آخر، موقع ملائم للطيران وفق حركة الرياح). مع التنويه أن كلفة تحديثه وإعادة تشغيله لا تتعدّى 80 مليون دولار أميركي.

استكمال الأوتوستراد العربي، وتعديله إذا لزم الأمر، وربطه بالمرافق الاقتصادية والسياحية في عكار، لا سيما ربطه بمطار القليعات، والمرفأ، وسكة الحديد المزمع إنشاؤها، مع إنشاء طرق موازية لهذا الأوتوستراد.

التخطيط لفتح طرق رئيسية دائرية، حول المناطق ذات الكثافة السكانية، والتي يُتوقّع أن يكون لها دورٌ إقتصادي مُستقبلاً.

رفع التعديات عن الطرق وتوسيعها، حيث يمكن الأمر، وصيانتها وتجهيزها بوسائل السلامة العامة.

إعادة تشغيل سكة الحديد، وبناء محطات للركاب والبضائع، على طول هذه السُكة، مع ربطها بقطاعات الإنتاج والسياحة والنقل.

إنشاء وسائل نقل حديثة (تلفريك- مترو)، وربطها بأماكن السياحة البيئية والمعالم الطبيعية، بين عكار والضنية، وجرود عكار ومجاري الأنهر والبحيرات.

إنشاء معامل لتوليد الطاقة الكهرمائية (على غرار معمل نهر البارد)، إضافةً إلى شبكة المراوح على طول “كوريدور” حمص الهوائي، بما يؤمِّن طاقة نظيفة غير مكلفة ومُستدامة، عبر المياه والرياح.

إنشاء معامل لمعالجة النفايات، بعد فرزها من المصدر، ومعالجة موضوع الصرف الصحي، منعًا لاختلاط المياه المبتذلة مع مياه الري، حتى لا ينعكس ذلك”بكتيريًا” على المنتجات الزراعية، لا سيما الخضروات.

إنشاء مستشفيين حكوميين، إلى جانب المستشفى الحكومي الوحيد القائم حاليًا، لاتساع الجغرافيا العكارية، مع زيادة عدد المستوصفات الحكومية.

تحديث شبكات الهاتف، عبر استخدام الألياف الضوئية، بدلاً من الأسلاك التقليدية، لما  تتميّز به من قدرة على البث لمسافات أبعد وبأمواج طويلة أعلى.

إنشاء المدن الصناعية الذكية، والطرق الذكية، والبلديات الذكية، مما يضع محافظة عكار على الخريطة العالمية، في عصر اقتصاد المعرفة، وبما يجعلها مركزًا للشركات الكبرى والبرمجيات.

د- في المجال التربوي وملف فروع الجامعة اللبنانية في عكار

وضع المرسوم رقم 6687، الصادر عن حكومة تصريف الأعمال، في 30 تموز 2020، موضع التنفيذ العملي، حتى لا يبقى حبرًا على ورق، وهو القاضي بإنشاء فروع لبعض كليات الجامعة اللبنانية في محافظة عكار.

بما خصّ هذه الفروع الجامعية، مُناشدة فاعليات عكار السياسية وقوى المجتمع المدني إلى طرح التجاذبات جانبًا وعدم تسجيل انتصارات وهمية على حساب مصلحة عكار وأجيالها الطالعة، والاقتداء بالتجربة الناجحة التي قادها المجتمع المدني والأهلي في طرابلس والشمال لإقامة “البناء الجامعي الموحد في الشمال”، الذي أنجز قسمٌ كبير منه (راسمسقا)، وليغدو الحُلم واقعًا.

إزالة الواقع الملتبس للمرجعية التربوية الرسمية، طالما غدت عكار محافظة، وذلك بقيام “المنطقة التربوية”، بكل أجهزتها والصلاحيات.

إنشاء مجلس تربوي عكاري، أهلي مدني، يضم قطاعات التعليم الرسمي، الأكاديمي والمهني، إضافةً إلى القطاع الجامعي، مهمته حمل القضية التربوية عكاريًا، بكل جوانبها.

ريثما يقوم البناء الجامعي الموحد في عكار- والذي قد لا يرى النور قبل سنوات- المطلوب إقامة فرع لكلية التربية (منصوص عنه في المرسوم آنف الذكر)، وذلك لتأهيل الجسم التعليمي، وإقحامه في مجال التعليم الرقمي (التعلم عن بُعد).

تفعيل دور” المجمَّعات التربوية” في التعليم الرسمي ما قبل الجامعي، والتي تمّ استحداثها في السنوات الأخيرة،وجعلها معاقل للتربية الوطنية وللتعليم.

تعزيز التعليم المهني في محافظة عكار، وتنويعه، وفق حاجات المجتمع العكاري وسوق العمل (مهني متخصص- زراعي- كهرباء- مياه الخ..)،وإخراج هذا التعليم من مقولة أنه للعاجزين والفاشلين في التعليم الأكاديمي.

رفع يد السياسة عن التربية، قطعًا لدابر الزبائنية والتنفيعات التي أغرقت التعليم الرسمي بأفواج من المدرّسين غير مؤهلين، لا سيما عبر بدعة التعاقد التي فاقمت في انهيار المستوى التعليمي، في المراحل الابتدائية والمتوسطة.

هـ- في مجال البيئة والسياحة البيئية الطبيعية

اعتماد اقتصاد عكاري قائم، في أحد جوانبه، على الطبيعة، التي تُشكل منجم الذهب العكاري الذي لا ينفد، حال المحافظة عليه ورعايته.

إدخال القطاع الخاص في التنمية السياحية المحلية، ومن فوائد ذلك، دور هذا القطاع في المحافظة على البيئة، من موقع المصلحة الذاتية.

حماية المواقع الطبيعية والمعالم الأثرية والأوابد، والإفادة منها، عبر تنشيط السياحة البيئية والدينية والطبيعية المُستدامة.

السعي لإقرار مشروع “المنتزه الوطني اللبناني لأعالي عكار”،الذي يشمل مناطق جردية متصلة من وادي جهنم حتى عودين. وهذا المشروع عبارة عن دراسة، شارك فيها فريق من الفرنسيين المتخصصين، وهو يحتاج إلى إقرار في المجلس النيابي، بتبنٍّ من عشرة نواب. ومن شأن قيامه توفير مئات فرص العمل لأهالي المناطق الجردية، وتنشيط السياحة الطبيعية.

ابتداع أشكال جديدة للسياحة البيئية والطبيعية، كسياحة الدراجات الجبلية، وسياحة “التسليق” (الغذاء من الطبيعة). علمًا أن “مجلس البيئة” في عكار لديه تصورات، في هذا السبيل، يعمل على ترجمتها، في منطقة القبيات وسائر المناطق العكارية.

العمل على إيجاد كادر  من الأدلاء السياحيين البيئيين، عبر وزارة السياحة، للتعريف بمدى الغنى الطبيعي والبيئي الذي تنفرد به الطبيعة في محافظة عكار.

إيجاد صيغة من التعاون بين “قسم الآثار” في كلية الآداب (الجامعة اللبنانية) في الشمال، وبين المديرية العامة للآثار (وزارة الثقافة)، واتحاد البلديات في محافظة عكار، والمشتغلين بالآثار، بهدف تفعيل السياحة الآثارية، سيما أن كل منطقة من هذه المحافظة زاخرة بآثار، يعود بعضها إلى آلاف السنين (قلاع ، وقبور يعود بعضها إلى 6000 سنة الخ..)

و- في مجال الثقافة والفنون

في الخطة الاستراتيجية قريبة المدى:

دعوة الجمعيات الثقافية والفنية إلى لقاء، تحت مُسمّى :” لقاء الجمعيات والمنتديات الثقافية في محافظة عكار”، لإقامة ورشة تفكير ونقاش، بعنوان:”الوضع الثقافي المأزوم في محافظة عكار/ في المعوِّقات وتوفير عوامل النهوض “. وعلى أن يشتمل جدول أعمال الورشة على عدة بنود أبرزها:

المطالبة باستحداث “المجلس الثقافي لمحافظة عكار”،بعد أن غدت عكار محافظة، غير مرتبطة أو تابعة لمحافظة الشمال.

قيام البلديات واتحاداتها بدورهما، على الصعيد الثقافي،سندًا إلى الدور المنوط بهما، في هذا المجال، وفق قانون البلديات.

تفعيل ودعم التظاهرات الثقافية والفنية التي تشهدها محافظة عكار، لا سيما في البلدات الكبرى (الصالون الثقافي في القبيات/ مسرح الريف في بزبينا/ سائر الفعاليات). إضافة إلى مساندة “بيت الموسيقى” في “النجدة الشعبية”،الذي يعمل على تأصيل ظاهرة الطرب الأصيل والموسيقى الشرقية،وتأهيل الأجيال الطالعة فنيًّا، عبر استحداث “السنطور التربوي”.

تعميم “مهرجان الصيف السنوي” في مناطق عكار الست،على غرار “مهرجان القبيات”، بما يُنشِّط هذه المناطق جميعها، على مدى أيام الصيف، سياحيًا وتعريفًا بالطبيعة العكارية، بكل جوانبها.

في الخطة الاستراتيجية بعيدة المدى:

دراسة مشروع “مجمّع عكار للثقافة والفنون”، وهو عبارة عن حاضرة ثقافية (cité)، حاضنة للحياة الثقافية والفكرية في عموم محافظة عكار. يعمل “المجمّع” على تعميم الوعي الفكري والثقافي وثقافة الحوار بين الأديان، وتصالح الثقافات والحضارات وليس تصادمها. إضافة إلى الإنتاج المعرفي المستديم، بتحفيز المواهب ورعاية الإبداع. (mypatraining.com) (ثمة دراسة مُتكاملة حول هذا المشروع: هيكلية، وإدارة، والجهة الممولة لإقامته، والمكان الذي سيُقام فيه الخ..).

… ختامًا.. من منطلق إتساع محافظة عكار جغرافيًا، أوصى المشاركون في “الورشة”، بتخصيص مزيد من ورش العمل، على غرار هذه الورشة، لاستنفاد جميع القضايا الموضوعة على جدول معاناة عكار، في مختلف المجالات.

… وختامًا يتوجّه المشاركون بالشكر إلى المحاضرين، وإلى “مركز تموز” الذي شكَّل صلة وصل بين مؤسسة “هانز زايدل” و”مركز عكار للدراسات والتنمية المستدامة”، لإقامة هذه الورشة، من منطلق الأهداف المشتركة، التي تعمل الأطراف الثلاثة على ترجمتها، والتي تصبُّ في خدمة الدولة المدنية، دولة الحق والقانون، دولة المؤسسات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *