جريمة الاحتكار في ظلِّ غياب المراقبة والمحاسبة

Views: 53

العميد الركن م. صلاح جانبين

 

من منا لم يسمع عن الاحتكار وجشع التجار في الأسواق، ومن منا لم يدرِ بتخزين الأدوية وعدم بيعها من المستهلكين عقابًا لهم أو لجني الأرباح الطائلة من جراء تخبئتها عن المواطنين، بخاصة أدوية الأمراض المزمنةكالسرطان والصرع والسكري والضغط وحجبها عمّن يصرخ ويئنّ من الآلام متوسّلًا لحبة دواء وذلكطمعًاوجشعًا ونهبًا لأموال الشعب. ومن منا لم يقف في طوابير الذلّ على محطات المحروقات انتظارًا لدوره بغية تعبئة سيارته بمادة البنزين، ومن منا لم يشعر بغلاء أسعار السلع والمنتوجات الضرورية لتأمين أبسط أمور للعيش، ومن منا لم يعش تحت الظلام في الليل من دون كهرباء ولا ماء ولا مدارس ولا مستشفيات ولا مؤسّسات من جراء فقدان مادة المازوت أو خزنها وتخبئتها أو احتكارها من قبل التجّار الفجّار والتحكّم باقتصاديات السوق واستغلال الأزمة المالية وتدني سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، ما أدّى إلى ضرب الأمن الصحي والاجتماعيوضرب الأمن والاستقرار الوطني حتى تهدّمت أسس وركائز الدولة وبنيانها، ومن ومنومن …؟

فما هو الاحتكار، وما هي آثاره وكيفية مواجهته ومكافحته؟

الاحْتِكَار في اللغة مصدره من فعل حَكَرَ وحَكِرَ، مضارعه يحكِرُ. يقال حكِرَ السِّلعةَ أي جمعها لينفرد بالتَّصرّف فيها، أو حبس الطعام أو كل ما يضرّ الناس، أو يُعسّر عليهم وقت الحاجة الماسة حين تكون قليلة أو نادرة حتى يرتفع ثمنها فيعرضها للبيع. والاحتكار يتّسم بقلّة عدد البائعين الذين يتنافسون فيما بينهم على إنتاج وبيع منتج متجانس. ويعني تخزين بضاعة معينة حتى تصبح قليلة أو نادرة في السوق لأجل رفع ثمنها بعد ذلك. أو شراء كمية كبيرة من البضاعة بالجملة وعدم إيصالها إلى السوق وتخبئتها بقصد احتكار بيعها بسوق المُفرّق أو التجزئة؛ يعني في الاقتصاد تفرّد الشخص أو الجماعة بعمل ما لغرض السَّيطرة على الأسواق والقضاء على المنافسة. وفي التجارة تحكّم البائع بالسعر، أو سيطرة شركة واحدة على مُنْتَج ما بكامل السوق لتأمينه إلى جميع المستهلكين، أو إغلاق المكاتب والمستودعات والمخازن مؤقّتًا بقصد رفع الأسعار واستغلال المواطنين والحالة الاقتصادية والمالية في البلاد؛بالمختصر، تسمّى الشركة حينها بالمحتكِرة، والسوق المُحتكِر، والحالة احتكار وارتفاع للأسعار وفجر وجشع للتجار.

وفي هذه الحالة، تستطيع الشركة أن تفرض الأسعار كيفما تشاء لعدم وجود شركات منافسة لها في السوق. قس على ذلك على مجمل الشركات بتعدد المنتوجاتوما تسعى كل شركة بالتحكّم بمنتوجها وسعره وبالتالي زيادة في  رصيدها البنكي وأرباحها الخيالية. يتشعّب من الاحتكار حالات كثيرة، قد يوجد في السوق مثلاً شركات أخرى منافسة على نفس المنتوج و/أو الخدمة ولكن عندما تكون هذه المنافسة هامشية مع الشركة المسيطرة على السوق، تُسمى الحال بالاحتكار شبه الكامل وعندما يسيطر على السوق عدد قليل من الشركات تُسمى حينها هذه الحالة باحتكار القِلّة.

 

الاحتكار والقانون

يُقصد بالاحتكار كل عمل من شأنه سوء استغلال الوضع الاقتصادي والقدرة الشرائية للحدّ من المنافسة المشروعة، بهدف جني أرباح طائلة وخيالية، بصورة مخالفة للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها السوق بالاستناد إلى قاعدة العرض والطلب. ويكون بحبس وتخزين وتخبئةالشيء والامتناع عن بيعه، رغم شدة حاجة الناس إليه، حتى يرتفع سعره أو ينقطع عن السوق، وذلك لغرض اقتصادي أو سياسي أو غيرهما. كما يُعدّ الاحتكار جريمة من أكـثر الجرائم قدمًا في تاريـخ التبادل التجاري، نظرًا لارتباطها بالمعاملات اليومية لكافة الناس المتعلِّقة بالبيع والشراء للسلع والحاجات الضرورية والكمالية.وقد حددّت المادة الأولى من المرسوم الاشتراعي رقم 32 تاريخ 5/ 8/ 1967 واعتبرته احتكارًا، “كل اتفاق أو تكتل يرمي للحدّ من المنافسة في انتاج السلع أو مشتراها أو استيرادها أو تصريفها في لبنان ويكون من شأنه الحيلولة دون تخفيض أثمانها أو تسهيل ارتفاع تلك الأثمان ارتفاعا مصطنعًا.

– كل اتفاق او تكتل يتناول الخدمات قصد رفع مقابلها للغاية نفسها.

– كل عمل يرمي للسيطرة على السوق بتجميع المواد او المنتجات قصد رفع قيمتها لاجتناء ربح لا يكون نتيجة طبيعية لناموس العرض والطلب .

فبالرغم من أنَّ أغلبية التشريعات الداخلية الدولية منها والمحلّية حظّرت وجود أي نوع من أنواع الاحتكار بصورة مخالفة للقوانين المرعية الإجراء، فقد اختلف المفهوم القانوني للاحتكار في تلك التشريعات، ومنها:

على سبيل المثال في  الولايات المتَّحدة الأميركية، حيث نصّت المادة الثانية من قانون شيرمان على حظر احتكار أو محاولة احتكار أي عمل من الأعمال التجارية بين الولايات المتحدة أو مع الدول الأجنبية، واعتبرت أنَّ القيام بذلك يعتبر جناية يعاقب عليها بالغرامة التي قد تصل إلى مليون دولار للشخص المعنوي و100 الف دولار للشخص الطبيعي، أو بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بكلا هاتين العقوبتين على حسب تقدير المحكمة.

كما حظرت المادة 68 من اتفاقية السوق الأوروبية، “إساءة استغلال المركز المسيطر للملتزم أو للمشروع في السوق المشتركة للتأثير على التجارة بين الدول الأعضاء، بقصد بيع أو شراء المنتوجات بأسعار أو بشروط غير عادلة، أو خفض كمية الإنتاج إضرارًا بالعملاء، أو فرض مراكز تنافسية سيئة على العملاء، أو فرض شروط لا تتّفق مع العادات التجارية”.

واعتبرت محكمة العدل الأوروبية “أن المركز المسيطر هو الذي يؤدّي إلى امتلاك مقدرة اقتصادية تمكّن التاجر من تحديد الأسعار أو السيطرة على الإنتاج أو على توزيع جزء كبير من السلع، وإعاقة دخول منافسين إلى السوق نتيجة التأثير البالغ الذي يمارسه التاجر المحتكر”.

إضافةً إلى اتفاقية الشراكة الأوروبيةالموقعة في اللوكسمبورغ بتاريخ 17/6/2002، والمتعلِّقة بالتجارة بين المجموعة الأوروبية والدول الأخرى، والتي وافق عليها لبنان بموجب القانون رقم 594 تاريخ 21/12/2002، وقد حظّرت في المادة 63 من وجود أي احتكار ذي طابع تجاري، أو وجود تمييز بين رعايا الدول الأعضاء، وفرضت على أعضائها أن يعدّلوا تدريجيًا أية احتكارات موجودة في ما خصّ شروط شراء السلع وتسويقها.

وفي القانون اللبناني إذ حدّد المشترع اللبناني الاحتكار في المادة 41 من المرسوم الاشتراعي رقم 37 تاريخ 9/9/1983 (المتعلق بحيازة السلع والمواد والحاصلات والاتجار بها)، فنصّت على أنه يعتبر احتكاراً:

-كل اتفاق أو تكتل يرمي للحدّ من المنافسة في انتاج السلع والمواد والحاصلات أو مشتراها أو استيرادها أو تصريفها، ويكون من شأنه تسهيل ارتفاع أسعارها ارتفاعًا مصطنعًا أو الحيلولة دون خفض هذه الأسعار.

– كل اتفاق أو تكتل يتناول الخدمات بغية الحدّ من المنافسة في تأديتها ويكون من شأنه تسهيل ارتفاع بدلاتها بصورة مصطنعة أو الحيلولة دون خفض هذه البدلات.

– كل عمل يرمي إلى تجميع المواد أو السلع أو الحاصلات أو إخفائها بقصد رفع قيمتها، أو غلق مكاتب أو مستودعات لأسباب غير مشروعة بغية اجتناء ربح، لا يكون نتيجة طبيعية لقاعدة العرض والطلب.وبذلك، يتبين أنَّ المشترع اللبناني منع كل عمل من شأنه الحدّ من المنافسة بهدف رفع الأسعار أو البدلات أو منع خفضها بغية اجتناء أرباح بصورة غير طبيعية وغير مشروعة.

 

قانونية الاحتكار بهدف المنفعة والمصلحة العامة

لم تأت قاعدة حظر الاحتكار مطلقة، بل أنَّ المشترع اللبناني أجاز في حالات معيّنة احتكار بعض السلع والمواد لأسباب لها علاقة بالمصلحة العامة، غير أنه منع منح أي احتكار إلاَّ بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب، فنصّت المادة 98 من الدستور اللبناني على أنه “لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود”.

ويُعرف هذا النوع بـ”الاحتكار القانوني”، لأنه يستند في وجوده إلى نصوص قانونية تمنح المحتكر حق الانفراد في شراء بضاعة معينة أو إنتاج سلعة محددة أو تقديم خدمة، ويحظر على أي شخص منافسة الممنوح حق الاحتكار القانوني في الموضوع الذي يتناوله ذلك الاحتكار.

وخير مثال على ذلك، الاحتكار القانوني لإدارة الريجي في لبنان شراء وصناعة وبيع التبغ بموجب القرار رقم 61 ل.ر. تاريخ 03/ 1/ 1935. وكذلك انفراد مؤسّسة كهرباء لبنان بإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في جميع الأراضي اللبنانية بموجب المرسوم رقم 87861 تاريخ 01/ 7/ 1964. وتجدر الإشارة إلى إلغاء احتكار الملح في جميع الأراضي اللبنانية واطلاق حرية استخراجه واستيراده من الخارج ونقله وبيعه بموجب قانون موازنة العام 1952 تاريخ 5/ 2/ 1952.

 

 آثار الاحتكار

تتعدد الآثار السلبية للاحتكار، وأهمها الحدّ من المنافسة المشروعة، السيطرة على النشاطات التجارية، التحكم بالأسعار، التحكم بقاعدة العرض والطلب، وسوء توزيع الثروة والدخل. فمن الممكن أن نجد فقرًا مدقعًا مقابل ثراءً فاحشًا. كما قد يؤدي الاحتكار إلى الحؤول دون تبوء أصحاب الكفاءات مجالات العمل نتيجة سيطرة المحتكرين على هذه الأسواق، وقد يصل الأمر إلى درجة التحكم بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمالية في الدول.

مكافحة الاحتكار

كان المشترع اللبناني قد أنشأ دائرة مختصة بمكافحة الغلاء والاحتكار بموجب المرسوم رقم 3251 تاريخ 18/11/1942، وكانت مرتبطة في ذلك الوقت بوزارة التموين، وعهد إلى رئيسها بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 73/1943 مهمات البحث والتحرّي والتحقيق في جرائم الاحتكار، مع اعطائه حق إقفال المحل الذي وقعت فيه الجريمة.كما حدّدت المادة السادسة من المرسوم الاشتراعي رقم 32 تاريخ 5/ 8/ 1967 لوزير الاقتصاد الوطني، كلما دعت الحاجة،أن يعيّن الحدّ الأعلى لبدل الخدمات ولأسعار بيع المواد والمنتجات الضرورية في جميع الأراضي اللبنانية أو أن يعيّن الحدّ الأعلى لنسب الأرباح. كما أعطت المادة 71 وما يليهامن المرسوم الاشتراعي رقم 37 تاريخ 9/9/1983، مهمة ضبط جرائم الاحتكار وتنظيم محاضر الضبط إلى موظفي مصلحة حماية المستهلك وأفراد الضابطة العدلية المكلفين رسميًا القيام بهذا النوع من العمل. إذ يمارس هؤلاء الموظفون الصلاحيات المعطاة لهم في جميع المؤسّسات والمحلات التجارية والمستودعات التي تخزن فيها مواد وسلع وفي مؤسّسات الخدمات المسعرة. ويشترط لممارسة الوظيفة في الأماكن الأخرى التي يشتبه بوجود بضائع وسلع فيها، الحصول على موافقة خطية مسبقة من النيابة العامة المختصة. وفي مطلق الأحوال يحق لهؤلاء الموظفين الاستعانة بقوى الأمن الداخلي كلما دعت الضرورة.

كما يحق لموظفي مصلحة حماية المستهلك، المكلّفين رسميًا، مطالبة أصحاب العلاقة بتقديم جميع الوثائق والمستندات التي تثبت صحة المعلومات المدلى بها. وتضبط المخالفة بموجب محاضر ضبط وفقًا لنموذج معيّن يحدّد بقرار من وزارة الاقتصاد والتجارة في ما يعود لمراقبي مصلحة حماية المستهلك. وتُحال محاضر الضبط إلى النيابة العامة الاستئنافية ذات الصلاحية، من قبل رئيس المصلحة بواسطة رئيس مصلحة الاقتصاد والتجارة في المحافظات بعد التأكد من استيفائها الشروط القانونية مع كافة المستندات والإفادات والمعلومات الضرورية المتعلقة بها، أو ترفع للمدير في ضوء التدقيق والتحقيق الإضافي عندما ترتئي رئاسة المصلحة حفظ المحضر لتقترن بقرار المدير العام.

عقوبة جرائم الاحتكار

تنظر المحاكم الاستئنافية المختصة في المحافظة في جرائم الاحتكار التي وقعت فيها الجريمة، وتطبق بشأنها أصول المحاكمات الموجزة المتعلقة بالجرائم المشهودة، وتكون أحكامها غير قابلة للمراجعة إلا لتصحيح الخطأ المادي، وفي مطلق الأحوال لا يجوز الحكم بأقل من الحد الأدنى للغرامة، ويمكن اثبات الجريمة بجميع الطرق القانونية. وقد عُدِّلت قيمة الغرامات بموجب القانون رقم 72 تاريخ 24 تموز 1991 بحيث يضاعف بنسبة 200 مرة الحدّ الادنى والحدّ الاقصى لكل من هذه الغرامات. إضافةً إلى أنَّ المادة 43 من المرسوم الاشتراعي رقم 37/38قد حدّدت عقوبة جرائم الاحتكار بالغرامة من عشرة ملايين إلى مئة مليون ليرة، وبالسجن من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر، أو بإحـدى هاتين العقوبتـين، وعنـد التكرار تضاعف العقوبة.

وكل ممانعة للموظفين المكلفين بتنفيذ أحكام هذا المرسوم الاشتراعي أثناء قيامهم بوظائفهم، يعاقب عليها بموجب المادة 53 بغرامة من مليونين إلى عشرين مليون ليرة، وبالسجن من سبعة أيام إلى ثلاثة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا رافق الممانعة الإهانة أو التهديد أو الاعتداء، تضاعف العقوبة.

وتحجز المواد والسلع والحاصلات التي هي من نوع وصنف البضاعة التي ارتكبت بها المخالفة في أي مكان وجدت، ويمكن الحكم بمصادرة الكمية المحجوزة كلياً أو جزئياً حسب الحالة. ويوضع على المحجوزات خاتم رسمي، وتودع أمانة لدى المخالف أو لدى شخص ثالث بموجب المادة الرابعة.

 

القضاء العادل والحازم

حيث أنَّ القانون قد حدّد في مواده المتعددة طرق سير الأعمال والنشاطات التجارية على اختلافها والمنافسة المشروعة بين التجّار وتحديد الأسعار والأرباح على قاعدة العرض والطلب في الأسواق التجارية، والحؤول دون سيطرة المحتكرين على أي من السلعالإستهلاكيةوالتحكّم بالمواطنين حتى لا تصل الأمور إلى الفقر المدقع أو الغنى الفاحش ما يؤدي إلى نهب أموال الشعب وبالتالي يتوجب من الوزارات والقضاء المختصّ والأجهزة الأمنيةتفعيل دورها المراقب والتدخل لوضع اليد والإدعاء على المحتكرين والتشدد في محاسبة المسؤولين المحتكرين والمخالفين نتيجة ممارساتهم السلبية بجرم الإيذاء والتسبب بوفاة الكثير والقتل المقصود المنصوص عليه في المادة 189 من قانون العقوبات اللبناني، “لأن الجريمة تعدّ مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل، إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة”.

فإنَّ محاكمة التهريب والاحتكار، باتت قضية حيوية، لا بدّ من مكافحتها على أوسع نطاق. ولا بدّمن المسؤولين إلاَّ الإقدام على اتخاذ تدابير رادعة وإجراءاتوعقوبات مشددة صارمة،وعملًا دؤوبًا لإعادة الاعتبار إلى الدولة. (Alprazolam) كما يجب الانفتاح على المجتمع المدني لتسهيل مكافحة الجريمة، والتعاون مع الإعلام لتفعيل المراقبة والمحاسبة والتشهير بالمخالفين وفضح الفاسدين.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *