مدينة الخطيئة… ومدينة ميخائيل نعيمة العظمى؟

Views: 262

أنطوان يزبك

 

كم نتذكر ميخائيل نعيمة في فكره المتقدم في أحلك أيام وحروب تمرّ بها البشريّة!

 

 بولتافا Poltava -أوكرانيا، المدينة التي درس فيها ميخائيل نعيمة ، حين كان شابا، وحيث بدأت معالم شخصيّته ترتسم وتتبلور أفكاره الفلسفية وإلانسانية ، شاهدتها في تحقيق إخباري على شاشة التلفزيون، من ضمن الأحداث والحرب الأوكرانية الفتاكة، هذه الحرب التي قد تكون فاتحة حرب كونيّة جديدة ، تبيد الحضارة الإنسانيّة مع الأسف الشديد!

أجل بولتافا التي عاد وزارها ميخائيل نعيمة وسط الخمسينات في القرن الماضي، بدعوة من اتحاد الكتاب الروس( السوفياتي) آنذاك، وقال ما قاله في مؤلفه الشهير “أبعد من موسكو ومن واشنطن” داعيًا  إلى نبذ الاشتراكية التوتاليتارية إضافة إلى الديموقراطية الليبرالية وحريتها المزعومة على حدّ سواء، معتبرا أن التطرف في كلّ نظام سياسي ، هو تطرف جائر وقاتل للشعوب جمعاء مهما كانت الشعارات براقة والمغريات لماعة ، داعيا إلى فكر جديد يعمل على خطة سلام وتآخٍ لشعوب الأرض من دون تفرقة.

كان ميخائيل نعيمة رائدا في بلادنا ؛ في فلسفة اللاعنف واحقاق العدالة الكونية والسلام الدائم مستوحيا فكر غاندي وتولستوي، وهو القائل : “والحرب لو يعلمون لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع ،  بل في قلوب الناس وأفكارهم أيضا!”

نزعة الشر والعنف والتسلط وحب التغلب واخضاع الغير … تولد مع الإنسان،  وعليه أن يتدرب ويرتقي سلّم الإنسانية حتى يشفى من  علل ذاته الداخلية .

يقول نعيمة في كتاب مرداد: “الخادم هو سيد السيد و السيد هو خادم الخادم، فليحذر الخادم من أن يطأطىء رأسه، وليحذر السيد من أن يرفعه عالياً…

ناضل ميخائيل نعيمة في أدبه من أجل إحلال العدالة الاجتماعية والإنسانية في كل أبعادها ، وإنشاء دولة القانون والمعرفة،  يقول: “المدينة العظمى، هي التي يسود فيها العلم و الحرية والإخاء والوفاء”.

هكذا أراد أفلاطون ان يطبق الحكم في جمهورية عادلة ، يتمتع كل من فيها بعدالة راقية تساوي الكل بالكل، هكذا أراد الفارابي في المدينة الفاضلة،  مع ذلك يعجز الإنسان عن بناء  مدينة واحدة نموذجية  تتمتع بالعدل والفضيلة،  وتسيطر على  المدينة  عمومًا   حالة بلاء وبغاء ورياء وفساد في الحكم والحكّام…

يبدو أن  مدينة  فيلم Sin City الهوليودي التي تعطي صورة عن الرذيلة، تعكس واقع  مدن العالم والخشية من أت تتحول هذه المدن إلى مدن السقوط والانحلال حيث تذبح القيم والفضائل،  على نمط متحضر يفوق في رذائله كل رذيلة عرفها العالم حتى الآن! نعم مدن ساقطة بهدف واحد : السيطرة السياسية والاقتصادية على شعوب العالم بسلاح الرذيلة والخلاعة !

في فكر ميخائيل نعيمة كنوز لا تحصى، تعالبم سامية لإنسان جديد وفكر حر ، أفكار لا تثمن علينا التعمق فيها  والعمل بتعاليمها ، يقول ميخائيل نعيمة في سبعون : “أم هو العلم أن تميّز بين المبتدأ والخبر، والفاعل والمفعول، وتجهل أنك مبتدأ خبره مستقر فيه. وأنك الفاعل والمفعول ، في آن واحد ، أم هو العلم أن تلجم البخار وتمتطيه، وأن يلجمك غضبك ويمتطيك.أم هو العلم أن تعرف أن الأرض تدور حول الشمس ، والشمس تدور حول محورها ، ولا تعرف حول من أو ماذا أنت دائر ، ولا المحور الذي تدور عليه ايامك و لياليك!”

عود على بدء:

أيها الإنسان إعرف نفسك!

لعلك على خطى نعيمة تدرك درب الصلاح! …

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *