بانتظار “التعليمة”

Views: 214

خليل الخوري 

يتعذّر انتخاب رئيس للجمهورية، ليس في ما تبقى من أيام هذا الأسبوع وحسب، بل أيضاً في ما يتبقى من أيام وأسابيع هذه السنة. ولا يعلم أحد، ولا الراجمون بالغيب، متى يحين موعد وصول «التعليمة» من الخارج.

إنها الحقيقة المرة! وما سواها ليس إلا واحدة من حلقات الكذب والنفاق التي يتلطون وراءها للهروب من هذه الحقيقة القاسية.

أصلاً، ليس جديداً أن ينتظروا التعليمات (كي لا نقول الأوامر) من الخارج، قريباً كان هذا الخارج أو بعيداً. وهذه الظاهرة البشعة تأخذ مداها الأخطر، خصوصاً في هذا الزمن اللبناني الرديء، بعدما افتقد البلد القيادات التي كان لها رأيها، ولو بالحد الأدنى، فأضحينا مع مجرد أدوات تبيع وتشتري في كل شيء، بالرغم ممّا تتغرغر به الحناجر وتعلكه الأفواه وتلفظه الشفاه من ثرثرة فارغة لكلمات الكرامة والسيادة والعنفوان إلخ…

أضف إلى ذلك أن الخارج، ذاته، لم يعد موحّد الكلمة، فما تريده هذه العاصمة العربية ترفضه تلك الإقليمية، والعكس صحيح. وما تقول به هذه العاصمة الأوروبية تعاكسه تلك الأميركية… ولا تزال المرارة في حلق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي زارنا مرتين، ليكتشف ونكتشف معه، ان مبادرته أسقطتها الولايات المتحدة، ولم تسقطها هذه الدولة العربية أو هذه الجهة الإقليمية.

يفاقم هذا الواقع أن الانتخابات النيابية العامة الأخيرة لم تسفر عن أكثرية واضحة المعالم، وحتى الأقليتان الكبريان ليست أي منهما منسجمة ذاتياً ما بين سائر أطيافها… ونتيجة عدم الانسجام تتأكد في الضياع الطاغي الذي أفرزته صندوقة الاقتراع في التمثيليات الثلاث لانتخاب (أي انتخاب؟!) الرئيس… فكلٌّ يغني على ليلاه في جهة، وكل، في الجهة المقابلة، يبتغي مراده في الأوراق البيضاء المختلف عن مراد الآخرين.

وثمة عنصر لافت وهو عدم قدرة حزب الله على أن يمسك بأكثرية ظاهرة وحقيقية تمكنه من الدفع بمرشحه الوزير سليمان فرنحية، قدر ما يتعذر على القوات أن توفر أكثرية للمرشح النائب ميشال معوض… وحتى إشعار آخر يتمسك كلٌّ من الجانبين بمن يرشح من دون أي أفق.

وحتى اليوم لم يحسم الخارج أمره من الأسماء باستثناء الجانب الفرنسي الذي يلهج بثلاثة أسماء يأمل بوصول أحدها إلى قصر بعبدا، وقرار زيارة ماكرون الفاتيكان أحد دافِعَيْها هذه المسألة إلى جانب الدافع الآخر وهو حرب أوكرانيا.

وفي تقرير جرى تداوله بين المعنيين ورد النص المختصر المفيد الآتي: «الأطراف الخارجية، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، حسمت أمرها في مَن لا تريده رئيساً للبنان، ولكنها لم تبلغ بعد حد الحسم القاطع في مَن تريد».

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *