الثقافة تُحيي المدينة

Views: 191

سليمان بختي

في زمن الحرب كنت أسمع المفكر الراحل منح الصلح(1927-2014) يردد أن عهد اللبنانية السهلة قد أنقضى ليبدأ عهد اللبنانية الصعبة التي تتطلب التضحية والاتكال على النفس وفهم الذات والآخر فوق ما يتطلبه الكثير من الوطنيات في العالم. وأن من ينجو من هذا المأزق فهي تلك القوى المسلحة بالوعي الوطني الحامل في نسيجه عمق التراث ومتطلبات الحداثة والالتزام بحقوق الإنسان قاعدة للبنانية والعروبة الصحيحة.

لو كان منح الصلح على قيد الحياة لشاهد كيف انتقلنا بسهولة ويسر من اللبنانية الصعبة إلى اللبنانية الشاقة حتى لا أقول البائسة.

ولكن كيف يمكن للبنان أن يخلق دوره من جديد في هذا العالم؟ كيف يستعيد الثقة والأمل وهما أصعب كلمتين اليوم في القاموس اللبناني؟

 

ولكن من ينظر إلى بيروت اليوم بعد الانهيار الاقتصادي وسرقة العصر وبعد الانفجار الذي دمر ثلث العاصمة وبعد إنتفاضة 17 تشرين التي انتهت بتقليع العيون والاعتقالات، يكاد يذهل اليوم وهو يرى حركة الثقافة تحيي المدينة: المسرح يعود إلى خشباته ومعارض الفن التشكيلي تتزاحم، ودور النشر تعود إلى إصداراتها والعناوين،والندوات والأمسيات تحتشد، والسهر مستمر رغم ظلمة الكهرباء وانقطاع المياه. 

هذه مدينة لا تموت ولن تموت رغم كل الطاعنين.

هذه  مدينة مصنوعة من وجع الناس والأيام والتاريخ. ولديها دائما ما تقوله عن الحب والحياة الواقعة خارج نظر السلطان.

وكلما تكسرت النصال على النصال نهضت من جديد وتابعت المسير وكأنها علم والعلم لا يسقط أبدا قبل سقوط حامله.  

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *