فاعلية حضور الأنثى في ديوان “عشتار وجراح الأندلس” لـ محمد نصيف

Views: 119

إبراهيم رسول 

القارئ في شعرِ العراقيّ المُبدع مُحمد نصيف يجدُ أنّ للأنثى الحضور الفاعل والمُهيمن في أغلبِ أشعارهِ وعلى نحوٍ أخص هذه المجموعة التي عنونَ لها “عشتار وجراح الأندلس” الصادرة سنة 2020عن شركة دار البيروني للنشر والتوزيع في الأردن. 

 هذا العنوانُ، الذي يحملُ ما يحملُ من دِلالاتٍ متعددةٍ، هو رجوعٌ نحو استعادة الانتماء إلى إرثٍ حضاريٍّ عريقٍ، حيث يرجع الشّاعر إلى تاريخ بلده ليأخذ صورة الآلهة، ليس كرمزية فحسب، وإنّما استرجاع للأصل الحضاري، دِلالة منه على تأصيل الأنثى التي سيُغنّي لها القصائد البديعة. فرمزية عشتار تحمل في دلالتها الرجوع نحو الحضارة العراقية، فالشّاعرُ لا يفصل صورة الأنثى عن الحضارة بل يربطها الربط المُحكم، إذ لا يكون أحدهما إلا بوجود الآخر، وهذه ميزة غلبت في شعرهِ. فالكينونة هي بوجود الاثنين معًا. العراقُ حاضرٌ بكينونته الأولى، وهذه الكينونة تمتزج مع الأنثى ولا تنفصل عنها، فشكّلت هذه الثنائية الممتزجة مجموعة شعرية بديعة.

 ويحملُ العنوان في جنبيه إشارة إلى جرح عميق يواكب الحضارة، فالشّاعر يربطُ الجُرح بالمكان الذي يصحبهُ كأنّه يؤصّل لقضيةٍ طالما أرّقته وشغلت مُخيلته، فهوُ كائنٌ حسّاسٌ وإحساسهُ المُرهف يجعلهُ يستعيد الذاكرة الأولى، ولكنّه يجمعُ الجراح الكثيرة معها بهذا الاستدعاء.

 مؤلمٌ للإنسان أن يملكَ ذاكرة حيّة قوية، فهي مصدر عذابٍ له حينما يعقد مقارنة فيجد أنّ الماضي خيرٌ من الحاضر! فالعنوانُ يقرأُ على أنّ المُبدع يستدعي حضارته الأولى ليربطها بجراح الأندلس وكأنّهُ يريدُ أنْ يستدعي الأندلس، إشارة إلى نفوذ الدولة العريقة التي وصلت إلى هناك.

 

قضية شعر أو لا شعر!

القضيةُ في الشّعرِ المُعاصر لا تكمن في الشكل بلْ تكمن في قضية شعر أو لا شعر! فيستطيع المُبدع أن يعبّر لك عن جميل إبداعهِ حتّى لو كان عبر جملة من خمس كلمات لا أكثر، وقدْ يخفق شاعر في أنْ يعبّرَ لك عما يريد بقصيدةٍ طويلة، فالمسألة لا تتعلق بالشكل الفني الذي يُعبر من خلالهِ عن شعرية المُبدع.

 في هذه المجموعة يبدو الشكل الفنّيّ الكلاسيكي هو الرائد الوحيد والمهيمن عند الشّاعر، وهو قد خلقَ صوره البديعة معتمدًا على حسّه وإبداعهِ في التعبير، فالتعبيرُ إذن تمّ عبر الشكل الفنّي الكلاسيكي الذي يُحدث في النفس أجمل الأثر من حيث الموسيقى التي تطرب لها الأذن. 

تتمثلُ صورة الأنثى في هذا الديوان على أنّها الأصّل، كأنّ الشّاعرَ يريدُ أنْ يقول: إن الأنثى أصلٌ لكلِّ الحياة، ولمّا كانت عشتار الأم فهذا يعني أنّها الأصّلُ لأشياءَ كثيرة ومنها الوطن.

 محمد نصيف يترنّم بحُبِّ الوطن في كلّ أشعاره حتّى أنّك لو قلت إنَّ شعره عبارة عن حُبّ للوطن لما جانبت الصواب في الحكم على أشعاره. هذا الشاعر يعيشُ غربة روحية؛ هذه الغربة جعلته ينحو هذا النحو من حيث العاطفة الجيّاشة والمشاعر المُرهفة. 

 

الوطن يمثل هُوية وكينونة عند الشاعر، لذلك أنت تقرأ شعره في الأنثى، إلا أنَّ رمزية الوطن واضحة لا تغيب ، ويذكّرنا شعره بشعر الكبير نزار قبّاني، فأشعار قبّاني صحيح أنَّ ظاهرها في الأنثى وتبدو المرأة كأنّها الغاية، إلا أن الوطن يبدو المركز المُبطن أو المضمر من خلف لُغتهِ، فاللغةُ تقول الإنسان كما يقول هيدغر، ولمّا كانت كذلك تجد أن الشاعر لجأ إلى أساليب البلاغة العربية ليعبّر عما يريد التعبير عنه بظل سياسة “كم الأفواه” وحجر الفكر والكلمة على أيّ إنسان. إلا أن الفرق بين نزار ونصيف يكمن في المساحة التي يُعبّر من خلالها الشاعر، فلكلٍ ميدانهُ ولُغتهُ وحتّى ثقافته، فصورة الوطن عند محمد نصيف هي صورة حيّة لا تغيب عن خطابه العام، فاللغةُ ليست لغة بيانية جامدة، لأنَّ دفء المشاعر يبدو بأعمق صورةٍ، فأنت تقرأ لشاعرٍ يعرفُ الشكل الشّعري و كتابة القصيدة وأيضًا أنت تقرأ لشاعر تسيل عاطفته من بين حروفه سيلان الماء من الشلال، فالأنثى تمثلُ بحضورها الفاعل في شّعرية الشّاعر ثيمة مركزية مهمة بلْ مهيمنة من مهيمنات المعجم الشّعري الموضوعي، فالشّاعرُ يستدعي الأنثى المُمثَلَة بعشتار (الآلهة العراقية القديمة) أو المرأة العاشقة/ الحبيبة، ليؤصّل قضايا الأصّل والأرومة، فالأنثى عند محمد نصيف تعني سبب الحياة أو مكان الحياة الرئيسي، فالفاعليةُ التي تمثلها المرأة بشتّى صورها التي يخلقها الشّاعر تعني مصدر الحياة الشعري عند الشّاعر، ومن خلالِ هذه الثيمة تبرز هُوية الشّاعر العاطفية والوجدانية، فالصورةٌ الانطباعيةُ التي يخرج المتلقي من قراءته لهذه المجموعة أنّ الشّاعرَ مرهف الإحساس يعيشُ بقلبٍ مفعمٍ بالحُبِّ رقيق العاطفة، هذه الصفة تستدعي أنْ تكونَ لُغته بذاتِ الشّاعرية التي يَتصفُ بها.

 

لذّة للروحِ

 حقًّا، إنَّ هذه المجموعة تُعطي لذّة للروحِ عند القراءة وتستفز العاشق ليجد روحه بين ثنايا هذه النصوص.

الفاعليةُ التي تمثلت هنا، في هذا الديوان، هي فاعليةٌ مركزيةٌ مهيمنةٌ، فالحضور ليسَ هامشيًا بقدر ما هو مركزي متجذّر في نصوص الشاعر كلّها. تذكرنا هذه الأشعار بشعرية محمود درويش وبنزار قبّاني ومظفر النواب وغيرهم من الشعراء الرومانسيين الثوريين الذين كتبوا في المرأة ولكنهم وجّهوا سهام نقدهم وثورتهم عبرها، فأنت حينما تقرأ لنزار لا تقرأ صورة المرأة إلا بقراءة سطحية، أما المتعمق في القراءة فسيجد أنَّ ثمّةَ روح ثورية جامحة تبدو واضحة للمتلقي الحاذق، هذه الروح الثورية جاءت بثورةِ غضبٍ على لسان امرأة ، الشاعر المبدعُ هو الذي لا يُعطي كلّه ولا يستهلك جلّه، فأنت حينما تقرأ عشتار أو المرأة الحبيبة عند محمد نصيف فأنت لا تقرأ صورة حسّية مباشرة، بلْ يحتاج منك أن تستجمع الدِلالات المعنوية التي تقف وراء هذه النصوص المفعمة بالحُبِّ، فالمبدع لم يعطِ روحه بصورةٍ مستهلكة مباشرةٍ، لأنَّ الصور الشّعرية المكثفة التي يخلقها المبدع تجعل من أبياته حمّالات دلالات كثيرة لا تقف عند حدود الغزل أو التغنّي بالحبِّ فحسب، بلْ يقف المعنى العميق وراء هذه النصوص، التي منها النزوع الثوري على الدمار والفوضى التي مرّت على الوطن، لهذا نجد في هذه المجموعة أن صورةَ الوطن عند محمد نصيف ليست صورةً نمطية، لأنَّ لغته لغة غير عادية بلْ تجاوز الشاعر وظيفة اللغة العادية إلى وظيفة إبداعية وشأن الإبداعية في الوظيفة أنْ تعطي العديد من الصور التي تنفتح على صور تأويلية عديدة.  

 

“عشتار وجراح الأندلس”

ولنقرأ القصيدة التي عنونَ بها الديوان وهي “عشتار وجراح الأندلس”، في هذه القصيدة، التي هي من بديع ما أبدعه في هذه المجموعة والتي تستنطق الحضور الفاعل والإيجابي عند الأنثى، هنا تبدو الأنثى بمنظورٍ متعددٍ فالشّاعرُ يتناوبُ بين استدعاء الماضي الحضاري والتغنّي بالحداثة والمعاصرة. هذا الشّاعر يأخذنا إلى عوالمهِ الشّعرية لنسيح في هذه العوالم سياحة جمالية، فيقول: 

تبختري واتركيني حاملًا ألمي

تيهي هوى واعلمي أن المُراقَ دمي

تمايلي كبرياءً والهوى ضرمٌ

يجرُّ قلبي إلى دنيا من الضرمِ

البدايةُ التي يستعملُ بها الفعل المضارع (دلالة الاستمرار والحضور) تُشيرُ إلى أنّ الشّاعرَ يبدأ قصيدته عبر استهلالٍ تمهيديٍ، وهذا الاستهلال يمثّلُ الدخول إلى عالمهِ الجمالي الذي سيبدأ بالصعودِ رويدًا حتّى يصل إلى الذروة، هذه القصيدة تصلحُ أنْ تكونَ قصيدة سردٍ أيضًّا لما حوت من حوارٍ أحاديٍ يسرده الشاعر عبر مشاعرهِ وعواطفه، كأنّه جالسٌ أمام هذه الحبيبة أو يُكلّمها عن قرْبٍ وهي تستمع إلى كلماتهِ ولا تقوى على جوابهِ لسحر وقع هذه الكلمات وأثرها في روحها، فهو يبدأ الكلام بالفعل “تبختري”، هذا الفعل يمثل الطلب المُحبب له الذي يعني في ما يعنيه أنّه طريقة من المشي، فالتبخترُ مذمومٌ في الحالات العادية لكن المُبدع جعل المذموم يبدو جميلًا، بطلبٍ منه، فالتبخترُ الأنثوي يعني أنّكِ جميلةٌ فقومي تبختري! فالشاعرُ لا يقصد المعنى الضيّق للكلمة، لأنّ نزوعه الجمالي يستبعد ويستكره المعنى القبيح، بلْ يعني أنْ تتباهى بجمالها على الرّغمِ من الألم الذي يعاني منه. ولو تأمّل القارئ في الاستعمال الابداعي في الأفعال في هذه القصيدة لوجد أنّها أفعالٌ قبيحةٌ بالقياس والحالة التي يعيشها العاشق، فالتمايل، الكبرياء، تختال، هذه الاستعمالات التي يطلقها المبدع لا تتفق مع حالتهِ النفسية والعاطفية، إلا أنّه يقول: “يا أعذب امرأة”! فالعذوبةُ مكانها بوسط هذه الافعال تدلّ على الشّعور الوجداني الأعمى الذي وصل به العاشق.

 

ظاهرة الاستعمال المعنوي للكلمات هي ظاهرةٌ ضرورية في الشّعر، لأنّ الشّعر هو الاستعمال غير العادي للكلمات، وإذا كانت الكلمات تُستعمل باستعمالات مباشرة فلن يكون هذا من الشّعر في شيء! ومحمد نصيف في هذه المجموعة لا يستعمل الكلمات بمعناها المباشر بلْ يحيلنا إلى معانٍ من خلقهِ وابتكارهِ هو كشاعر تجربة، والشّاعرُ التجربةُ مخولٌ في أنْ يأخذ المعنى البلاغي للمفردة فيوظفه في شعره لأنّ الفكرةَ الجوهرية للشّعر تكمن ليس في الأخذ فحسب بلْ في الوظيفة الجمالية التي تؤديها الكلمات داخل بنية البيت الشعري على نحوٍ خاصٍّ وداخل نسيج القصيدة على نحوٍ عامٍ. وإبداع الشّاعر يكون في أنّه يُحسن التقاط هذه المعاني المطروحة في الطريق كما يقول الجاحظ، وهنا نقرأ الوظيفة للكلمة غير الوظيفة العادية للكلمات، فتصوّر أن “تتمايل، تتبختر، تتكبر” الحبيبة والعاشق دمه مراق! فالّلذةُ الجماليةُ التي تستفز المُبدع ليتغنّى بهذه الصفات التي يطلقها للعاشقة هي صفات جمالية، لأنّ الحبيبة تكون كالنسيم على قلبه وروحه! 

 

المعلِّمة وصورة الحُبّ الشفيف

 المجموعةُ الشّعريةُ حاشدةٌ بصورٍ مُتعددة للأنّثى، فالشاعرُ يأخذها كثيمة مركزية ويتغنى بها في كلّ أشعاره، هذا الحضورُ الفاعلُ الجميل ملّكَ المرأة أن تكون الموضوع الذي يدور حوله الشّاعر محلّقًا بعوالم مُتباينة، هذا التباينُ الذي خلقه المُبدع هو صورةٌ من إبداعهِ، فاللغةُ الشّعريةُ هي فاعلة مع الأنثى الضمير الناطق. المرأة هي المُضمرُ الذي يضم المواضيع التي يُريد الشاعر انْ يعبّرَ عنها، فهو يستخدم صورة المرأة لما يريد أنْ يقوله، فهذا الاضمار كان آيةَ حُسنٍ بديعة في التصوّير الذي جعل الشعر يقوم على فاعليتها، فالفاعلية لا تكتفي بالاستدعاء فقط بلْ هي محتاجة إلى تحقيق الغاية من الاستدعاء أيضًا.

الشّاعر وُفقَ في الاستدعاء والغاية بحضور المرأة بهذه الفاعلية المؤثرة، فهو قدْ استطاع أن يستدعيها وبصورٍ مختلفة وحققَ الغاية أيضًا باستدعائها، هنا يبرز الشاعر المُبدع، إذ أنّه أبرز نفسه كشاعر حقيقي من خلال البناء الشّعري الذي تمكّن من ناصيته بهذه الصورة الجميلة، فهذا الشّاعرُ يُجيد التذاكي والفنّ في الوقتِ عينه، وتدعمه عوامل كثيرة منها ثقافته الأدبية ولغتهِ الموسيقية التي تنبض بماء الحياة، من صور الاستدعاء هي صورة المعلمة التي أحبّها وعبّر عن عذرية حُبّه لها بقصيدته التي عنونها “معلمتي” يقول في بعضها:

وألمس في أصابعك ارتعاشًا

يصاحبهُ بمبسمكِ ارتخاءُ

فلا تُخفي الهوى خوفَ افتضاحٍ

فما ستر الهوى يومًا خفاءُ

مددت يدي وفي قلبي رجاءٌ

فما لكِ لا يقرّبكِ الرجاءُ

المعلّمةُ/الأنثى تبدو بهذه الصورة التي رسمها وخلقها الخالق الشعري المبدع هي صورة أخرى من صور الحُبّ الشفيف، إلا أن التساؤلَ هو من يكن العاشق هنا وما هي صورتها أمام هذه المعلّمة، فهنا جعلنا الشاعر نتأمّل صورة المُتحدث ونساهم في خلقها معه، أيكون هو التلميذ الذي تعلّم بين يديها؟ أم تكون أنثى علّمته درسًا في حياته؟، فملامح هذه الأنثى تبدو مضمرة ولمْ يوضحها الشّاعر بوضوح مباشر كأنّه لا يُريد أن تبدو صورتها مباشرة، فكيف تكون العلاقة مع المعلّمة إذن! هذه الحيرة هي اشتغالُ الشّاعر إبداعيًا، فهو يبدو المُتحدث الجريء وهي المرأة الخجولة الساكتة التي ترتعش أصابعها ولا يُقرّبها الرجاء الذي يرجوه منها، هذه الصورة هي استدعاءٌ لغاية، وتحقق لهذه الغاية. الملامحُ العامّة لرّسمِ الصورة التي يخلّقها المبدع هي في جعلها تنفتح على قراءاتٍ مُتعددة، وهذا التعددُ يجعل من البيت الشعري حمّال أوجه دِلالية كثيرة، وهذا الانفتاح لا يكون إلا على يد صنّاع ماهر وخالق مُبتكر مجدد ، يخلق من ماء شعره كلّ المعاني التي يريد أنْ يخلقها، مُحمد نصيف شاعرٌ يُجيد الخلق وهو ماهرٌ بقدرتهِ التصويرية، فأنت إذا تقرأ له يجعلك تتأمل النصوص وكأنّك القائلُ لهذه النصوص فهذه القدرة البديعة تجعل من المتلقي بطلًا، ولأنَّ اللغةَ عمودٌ أساسيٌ بالتعبّير الفنّيّ لأنّها تُعبر عن قائلها وهذا القائل هو الذي يرسمُ الصورة التي يريد أنْ يرسمها فلا نسأله كيف يرسم بلْ علينا أنْ ننظر للصورة المرسومة بهيئتها النهائية التي خلُص إليها لنتأمّلَ في جمالها وأثرها الوجدانيّ فينا.

 

“بنت النصارى”

يستدعي المرأة في قصيدته “بنت النصارى” ويستحضرها كمجاورة ومشاركة في ما يريد أنْ يقوله، فالحُبُّ عنده مقدسٌ ولا يعرّف الفوارق الدّينية وأنّ دينُ الحُبّ خير الأديان من حيث أنّها قضيةٌ وجدانيةٌ إنسانيةٌ ولا داعي أنْ يكون الدين الحاجز الذي يمنع التقاء القلوب المُحبّة، وأرجح الظنّ أنّ هذه القصيدة هي رسالةٌ بالتقارب الإنساني وهي من بديع ما قاله في هذه المجموعة، لأنّه شاعرٌ شفاف لا يعرفُ التفريق على أساسٍ دينيٍ بلْ القضية هي قضية إنسانية، هذه النزعة هي التي تحتاجها شعوب الأرض، من التآلفِ والموّدة والمصاهرة باسم الحُبّ الذي يأسر القلوب، فلو تأمّلنا في الاستدعاء لوجدنا صورة المرأة تبدو نمطية إلا أنّ الغاية من الاستدعاء تبدو غير نمطية، هذه الفاعلية الشعرية التي لا تكتفي بالاستحضار والرسم بلْ هي تعطي الغاية والتحقق من وراء الاستدعاء، هذه المجموعة حاشدة بصور متعددة للمرأة العاشقة والرجل العاشق الذي يجمعها الحُبّ بصورٍ مُتباينة، وهي جزء من التجربة الإنسانية الشاملة.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *