يقظة الوعي

Views: 1052

 د. سحر نبيه حيدر

 من نومها، أبت أن تصحو، إذ أنّ الرقاد يحمل صورته، إلى حيث لا يدّ تقتصّ من ضعفها، ولا رقيب يحاسب بنات أفكارها، تلك التي راحت تتراقص في السّحر فوق أديم السّماء النائمة.

ها الشمس تنفلش برويّةٍ فوق الهضاب البعيدة، وتبشّر يقظتها بيومٍ يحمل إليها ريحه…

صوتُه من خلف الغمام اللاهث، سكينة آلامها ورؤاها المغلّفة بالحزن الرديف، تزيل من غوغائية أيامها طيف عمرٍ، يزحف خلسة، ليسرق منها ساعات الوجد المنسية…  لم تعرف قطّ نشوة اللقاء، غير أنّ روحه العابرة  فوق صفحات عمرها المهترئة، تزيل الخوف من عينيها وتزرع بذور الغدّ المشرق.

أهو سمٌّ أم ترياقٌ يُنقذ ما تبقى من وعيها فتنتشي من جديد، تسكر من صوتهِ وهمسهِ ودفء الربيع المخزون من دون تفلّت، خلف صمتٍ طال رقاده…

عنه، تخاطب ساعاتها والثواني، وتحلم بأعين مشدوهةٍ، تطمح إلى وصالٍ لا صباح بعده.  تخاطب ضجيج سكينته المشتعلة خلف الحدود المرسومة عنوةً بينهما. 

هو انتفاضة شبابها الغضّ الذي ينشد يدًا تفتح بتلات زهره، علّ أريجها يفوح خلف الربوع ويعبق في الأفق.

تناشد بوحه، وتتراقص على وقع أنفاسه عند بزوغ الشمس، حين تغازلها نسيماتٌ عليلةٌ، تُحيي أنسها النائم عند عشب صدره، المتخفّي خلف الأديم. 

هي وهو…  حلمٌ مستحيل، غير أنّ يقظة وعيها يُلملمُ أطرافه، لتلتقيه هناك حيث لا حدود ولا وَجَلْ…

 ***

(*) من كتاب “ومضات” سيصدر قريبًا

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *