“الاستقلال والتحدّيات الراهنة”… في الحركة الثقافية- أنطلياس

Views: 227

نظمت الحركة الثقافية – أنطلياس في مقرها في دير مار الياس – أنطلياس، لقاء بعنوان “الإستقلال والتحديات الراهنة”، شارك فيه الدكتورة زهيدة درويش جبور، العميد المتقاعد خليل الجميل، الدكتور أمين صالح والدكتور وسام سعادة، وأداره الدكتور أنطوان سيف، في حضور أعضاء الحركة ومهتمين.
 
سيف 

بداية قال سيف: “دأبت الحركة الثقافية – انطلياس على إحياء ذكرى استقلال الدولة اللبنانية وهي من أولى جمهوريات الشرق الأسيوي والأفريقي، منذ تأسيس حركتنا في أواخر سبعينات القرن الماضي، بعد أربع سنوات من حرب الخمسة عشرة المديدة بويلاتها المختلفة تدميرا وقتلا وتهجيرا وخطفا. ولئن كانت المناسبة تنطوي على عيد وفرح عام، فهي كانت فرصة للتبصر في أحوالنا العصيبة ومناقشة قضايانا الملحة في كل سنة، كما نفعل في هذه العشية، وتحت العنوان نفسه أي استقلال وتحديات المرحلة الراهنة، مع زملاء لنا مثقفين مواطنين يحملون الهم عينه من زوايا فكرية مختلفة، متنوعة باختصاصاتها ومقارباتها”.
 
أضاف: “إن خط الفقر بات يضم تحته غالبية الشعب اللبناني، فضلا عن مشاكلنا الموروثة وخفت أزماتنا بتوتر كبير يهددنا بحرب داخلية تكون، كما يعرف المتخصصون بالعلوم الانسانية، تعويضا لاواعيا عن هذا الاحتقان العام. وكل هذه الكوارث الوطنية، وهي تحديات راهنة وذات ديمومة واسعة، تمر بالسياسة الرشيدة المفقودة، ومع حراس دولة الفساد”.
 
وتابع: “نذكر بأن اللبنانيين، وان هم اليوم في هذه الأوضاع المزرية التي تفوق طاقتهم، لم يألوا جهدا من المقاومة والثورة المضمرة الواعدة والمخيفة. لقد حققوا كل ما هو جدير في لبنان من انجازات اجتماعية لا يمكن إنكارها: هم الذين جعلوا دوما بريق لبنان، في محيطه وفي العالم، يتجاوز حجمه الجغرافي والديمغرافي في الثقافة الحديثة، وفي نمط حياتهم العام المغتني من التنوع العنصر الأساس لهامش الحرية الذي ينعمون به، بل في إنجازات هامة في العلمانية غير التامة والتي لا عودة عنها إلى نظام مذهبي وعسكري أو ميليشياوي”.
 
جبور 

من جهتها، تحدثت جبور عن الإستقلال والحوار الوطني، مثنية على تنظيم الحركة الثقافية “هذا اللقاء وهي التي لطالما شكلت منبرا حرا للتداول في قضايا الوطن والفكر والثقافة والتي لم تتخل عن دورها في إطلاق الحوار وترسيخه بين اللبنانيين، على مدى عقود، فكانت السباقة الى عقد مؤتمر الإنصهار الوطني في الثمانينيات بينما كان الوطن لا يزال يعاني من التمزق والإنقسامات”.
 
وقالت: “لماذا وصل بنا الحال الى ما نحن عليه اليوم؟ هل بسبب النزاعات بين الأديان والطوائف والمذاهب، مما يحتم علينا إيلاء عناية كبرى لإرساء قواعد متينة لمنطق الحوار، وهذا ما لم تقصر به الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني فتعددت المؤتمرات والندوات وكثر التنظير في الحوار وحوله. ومع ذلك لم يؤد ذلك الى نتائج ملموسة”.
 
وأشارت إلى أن “أسباب الصراعات بين الطوائف والجماعات ليست عقائدية دينية، بل سياسية وأيديولوجية بامتياز”، لافتة الى أن “الحرب الأهلية في لبنان كانت في ظاهرها حربا بين مسلمين ومسيحيين، لكنها في جوهرها نتيجة لصراعات عربية وإقليمية على أرض لبنان”.
 
ورأت أن “ضمان الإستقرار في مجتمع تعددي كالمجتمع اللبناني لا يتم إلا في إطار المواطنة والمشاركة الديموقراطية”، وقالت: “خرج اللبنانيون منذ 17 تشرين الثاني الى الشوارع ليعلنوا إرادتهم بالتغيير إلا أن انتفاضتهم ما لبثت ان تعثرت حيث نجح الممسكون بالسلطة في تفخيخها فطفت على السطح الإنتماءات الى الزعيم والطائفة”.
 
أضافت: “غالبية الشعب اللبناني هي اليوم رهينة لفئة لا تتردد عن إعلان تفوقها إستنادا الى قوة السلاح، ولكن التاريخ علمنا أن البلد لا يحكم بمنطق الغلبة وأنه لا بد من الإحتكام لمنطق الحوار وصولا الى تفاهم ممكن. فكيف يمكن الحوار في ظل السلاح وما هو البديل عنه: إما الحرب وإما الإذعان وفي الحالين القضاء على لبنان”.
 
وختمت: “الحاجة اليوم، ونحن على أعتاب انتخابات تشريعية، نأمل ألا ينجح اهل السلطة في تأجيلها أو إلغائها، الى حوار حقيقي يبدو أنه بدأ بين مختلف مكونات المجتمع المدني ومجموعات انتفاضة 17 تشرين للاتفاق حول لوائح موحدة على مساحة الوطن. إن الإنتخابات لحظة مصيرية، والتخاذل عن واجب الإقتراع هو اليوم بمثابة خيانة”.
 
الجميل 

أما الجميل فتطرق الى الإستقلال ومسألة الحدود البحرية، وأشار الى أن “مشكلة ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، تعود بالتحديد لوجود وموقع (صخرة) تخليت على مسافة حوالي 1800 متر جنوب غرب رأس الناقورة، حيث يعتبر لبنان أن ترسيم الحدود البحرية يجب أن يتم بطريقة خط الوسط دون الأخذ بالاعتبار وجود الصخرة، وبالتالي يربح لبنان مساحة حوالي 1400 كلم مربع بالإضافة الى الحدود التي أعلنها بموجب المرسوم 6433 عام 2011، والذي صدر دون الأخذ بالمعطيات المتوفرة لصالح لبنان في حينه. في المقابل اعتبر الأميركي (خط هوف) أن الترسيم يجب أن يتم بطريقة خط الوسط مع الأخذ بالإعتبار التأثير الكامل لصخرة تخليت، وبالتالي يخسر لبنان حوالي 392 كلم مربع من الحدود التي أعلنها عام 2011. بينما تعتبر إسرائيل أن حدود لبنان البحرية تبدأ من النقطة رقم 1، وبالتالي يخسر لبنان حوالي 862 كلم مربع عن حدوده التي أعلنها عام 2007”.
 
وقال: “في علم المفاوضات: الوسيط يحاول الحصول على نقاط القوة لكل طرف، للضغط بها على الطرف الآخر. أما لبنان الرسمي، فيطالب رسميا في الأمم المتحدة بالخط والوفد المفاوض يطالب بالخط 29 وحماية حقل قانا المحتمل. كيف يستطيع الوسيط إقناع الإسرائيلي بإعطاء لبنان بأكثر مما يطالب به رسميا في الأمم المتحدة؟ كيف يستطيع المفاوض الإسرائيلي إذا اقتنع قانونا بحق لبنان، أن يقنع سلطته بإعطاء لبنان أكثر مما يطالب به رسميا في الأمم المتحدة؟”.
 
وختم: “حدود برية منتهكة أو غير محددة، يقضمها العدو بكل خبث وبطء من جهة، أو من جهة أخرى تسودها آفة التهريب، التي تستنزف اقتصاد الدولة اللبنانية، وثغرات مفتوحة يتسلل منها الإرهاب ويهدد أمن البلاد، وتتدفق منها الهجرة غير الشرعية، من كل الدول المجاورة وغير المجاورة. حدود بحرية غير مرسمة ومنتهكة، وبالرغم من أن القانون الدولي إلى جانبنا، ولكن من الغريب فقد تبين أن تثبيت حقوقنا البحرية والبرية، هي مسألة داخلية قبل أن تكون شأنا خارجيا”.
 
صالح 

بدوره تحدث صالح عن الإستقلال والتحديات الإقتصادية والمالية والنقدية، متسائلا: “إذا القدر أدمعت عينه على لبنان، فكيف هي حال الرقم؟”. وتناول “آخر الأرقام عن الواقع في لبنان”.
 
ولفت الى أن “السلطة في لبنان لا تعاني في خلاف طائفي. هناك دولة قوية، متحدة واستبدادية بالتحالف مع الرأسمال الريعي. نحن في صراع بين الناس ككل وبين سلطة متحكمة أدت إداراتها إلى هذا الانهيار”.
 
وقال: “لبنان عندما استقل كان له وظيفة: مصرف، مستشفى، ترانزيت وسياحة الشرق. هذه الوظائف لم تعد موجودة وإلا نحن محكومون بالانحلال. فقدنا وظيفتنا. علينا ان نفكر ونبدع حلا لأزمتنا. الدولة اعتمدت على اقتصاد الاستيراد والتصدير وهذا اقتصاد غير منتج. الصراع في العالم هو حول الإنتاج والتصدير، وقوة الإنتاج في الصين تواجه الواقع الاقتصادي في اميركا. العجز في الميزان التجاري بحدود 15-16 مليار دولار. نحن لدينا استهلاك تفاخري، ومحاكاة، وفي المقابل الإنتاج الصناعي قليل. هذه مساوىء الاقتصاد الريعي 178 مليار دولار حجم الودائع 50 مليار دولار 2018 الودائع شكلت عبئا، وسياسة البنك المركزي أدت الى إفلاسه”.
 
ورأى أن “لا حل مع هذه الحكومة”، مشددا على “ضرورة فرض حكومة مستقلة لها برنامج محصور بالانقاذ من الانهيار”، وقال: “الحل هو داخلي: كابيتال كونترول، اعتماد برنامج استعادة برنامج فوائد الدين العام، ارجاع الفوائد الزائدة للاغنياء، التحويل الى الخارج 18 مليار دولار (4 مليار الى البيوت – 4 الى الخارج إعادة هذا المبلغ) واسترجاع الأموال المنهوبة وفوائد الدين العام”.
 
سعادة 

والمداخلة الختامية كانت لسعادة الذي تناول فيها الإستقلال وواقع الشباب المأزوم، فأشار الى أن “التطرق للموضوعات ذات الصلة في الراهن اللبناني يطرح سؤال أين ذهبت نضالات الشباب؟”، وقال: “أكثر ما يثيرني ويزعجني هو ان لبنان يعيش منذ سنوات في حركة انفصال عن العالم. الفجوة مدمرة لمجتمع بأكمله وبشكل أساس للفئات العمرية التي ولدت بعد الحرب. هذا الانفصال المتمادي المرشح لأن يزداد عمقا هو حركة انفصال عن العالم لا تجعل للأمل الا مسالك الرياد، واليأس الفعل الواقعي الوحيد. اليأس، يحث على القتال بحرية”.
 
أضاف: “منذ عامين ونيف، قامت انتفاضة في الوقت عينه في تشيلي ضد الفساد، وكانت النتيجة مختلفة: تشكيل دستور جديد. اما في لبنان فالأمور أصعب، إذ لا يمكن اختصار المشكلات الى مشكل واحد: نموذج الاقتصاد، تسيير أمور الدولة، مسار النزعات التغلبية في لبنان. التغلبية الفئوية المنهجية لم تواجه إلا بالارادوية والضبابية والتعلق ببعض الصور المبثوثة من الماضي”.
 
وتابع: “البلد واقع في الأوليغارشية المدمرة، والناس تعود الى اشكال بدائية للتداول بالعملة، في عصر الثورة الرقمية والاقتصاد المعرفي نعود الى كهف بدائي”.
 
وخلص الى أنه “لا يمكن للبنانيين ان يحرروا انفسهم بأنفسهم لأن مشكلتهم تتعدى قدرتهم ان يقوموا لوحدهم بالفعل الانقاذي”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *