القصص المصوّرة بين الأمس واليوم

Views: 553

بيار أديب ضاهر

من منّا لا يعرف أبطال القصص المصوّرة، أو لم يعجب بأحد هؤلاء الأبطال الخياليّين في زمن الطفولة والمراهقة؟ لقد رافقتنا قصصهم وأثارت فضولنا للإكتشاف والمغامرة والمعرفة كما خَطَت بنا خارج عالمنا الضيّق وإمكاناتنا المحدودة إلى عالم البطولات الخارقة والخيال اللا محدود… قصص كانت للكثير منّا سبيل المطالعة الأوّل خارج قراءة الكتب المدرسيّة أو تلك الموصّفة بالمنهج الدراسي؛ قراءة نمَّت ولا شك تعبيرنا اللغوي وأساليبه، إن باللغّة العربية، أو باللّغات الأجنبية كذلك الأمر. فالقصص المصوّرة هي أدب بحدّ ذاته، وتعتبر الفنّ الثامن بعد السينما.

 

  وكبُرنا لنعرف، بالإضافة لأنّه “لا يوجد هناك من سوبرمان!”، أنّ تلك القصص تعكس خلفيّات كتّابها ورسّاميها والقيّمين عليها في بلد المنشأ وثقافاتهم وطروحاتهم الفكريّة والأدبيّة كما تلك الإجتماعية والسياسية، ولو عُرّبت أو تُرجمت إلى غيرها من اللغات. ولا يُخفى على أحد تأثير الكتب والأفكار على الناشئة، وتكوينهم الثقافي، في حال ضعف أو غياب التوجيه المناسب للأمر من الأهل والمدرسة.

 

  وفي السنوات الأخيرة جرى اقتباس لشخصيّات وأبطال هذه القصص المصوّرة في أفلام سينمائية رُصدت لها مبالغ هائلة للإنتاج والتصوير والإخراج، كما للدعاية والترويج على صعيد عالمي، ويتمّ عرضها كذلك من ضمن باقة الأفلام التي تعرضها الشاشات المحليّة والفضائيّات وقنوات الأفلام، فأصبحت، بكلّ مضامينها وتأثيراتها،  على “لائحة” ثقافة الجيل الجديد في العالم أجمع، مع المنتجات الدعائية المرافقة الواسعة الإنتشار في المطاعم التي تقدّم الوجبات السريعة، وفي المتاجر الكبرى والصغرى منها أيضاً.

 

  في ظلّ جائحة كورونا وتداعياتها، والأزمات المتتالية التي تلاحقنا، تصعب تربية الجيل الجديد على قِيَم ومبادئ وطنية وأخلاقية بتنا نحن بدورنا نطرحها على ذواتنا متسائلين عن مدى سموّها ونفعها وإمكانية تطبيقها وعَيشها، تربية تبقى مسؤوليّتنا الأولى، كأهل أو مربّين، وتوجب علينا إيلاء الثقافة إهتماماً كافياً يحصّن أبناءنا، “جيل الغد”، في وجه الإجتياح الثقافي الحالي ذات الوجه الواحد الأحادي المعولم، في عالم ينبغي أن يكون مكان عيش لائق للإنسان في هذا الكون الفسيح.

العدد الأول من مجلة سوبرمان العربية

*

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *